الموارد المالية ضرورية لبناء و صيانة العدد الهائل من المشاريع المرتبطة بحركة كولن، و تصف البيانات المقدمة الفصل الرابع و عنوانه ” شبكات الحلقات المحلية” آليات التأسيس داخل الحلقات المحلية لتوليد موارد مالية ضخمة، و قد عرض الفصل الخامس بعنوان ” الثقافة التركية الإسلامية للعطاء” المفاهيم الإسلامية التركية للعطاء و حسن الضيافة المتجذرة في الثقافة التركية، أما الفصل الحالي فيركز على الترتيبات المالية و علاقتها بالمؤسسات المرتبطة بحركة كولن.
وفي نوفمبر عام 2004 سأل صحفي كولن : ” من أين يأتي الماء لهذه الطاحونة؟” وهو مصطلح تركي يعني : ” ماهي المصادر لكل ذلك المال الذي يسند مشروعات حركة كولن؟” و صرح كولن أنه سئل هذا السؤال من العديد من السياسيين و الصحفيين الذين يظنون أن هناك مصالح شخصية أو خططا مخفية وراء مشروعات الحركة، و قال إن هناك العديد من الناس لا يعطونك كوبا من الشاي دون التأكد من حصولهم على اثنين في المقابل، و مع ذلك يري كولن الوجه المضاد لهؤلاء الناس في أشخاص منخرطين في دعم الأعمال الخيرية المستوحاة من تعاليمه، و أضاف أن هؤلاء قومنا الذين يعطون و يعطون، و يمكنك القول إنهم مدمنون على العطاء، ولو قلت لا تعطوا ستجدهم محبطين و غير سعداء. و استمر يحكي قصة رجل علي المعاش قابله في حدث جمع تبرعات، و لم يستطع الرجل التبرع بأي شيء لأنه لا يملك شيئا، و حينما كان كولن يغادر المبني لحق به الرجل على الدرج و أعطاه مفاتيح و قال : ” تلك مفاتيح منزلي فأنا لا أملك أي شيء لأعطيه غير المنزل، من فضلك خذ هذه المفاتيح”، و لكن كولن أعاد إليه مفاتيحه و قال له : لا داعي للقلق و بأن بإمكانه أن يعطي حين يكون لديه شيء يعطيه.
و تابع كولن في الثناء على شعب الأناضول المعجز لدعمهم للمشاريع التي يرونها جديرة بالاهتمام و التي تساعد في حل مشاكل العالم و مستقبل أوطانهم، و علق قائلا إن قادة تركيا لم يستطيعوا بعد استخدام هذه الطاقات الكامنة في شعبهم.

ولم يملك كولن نفسه ثروة ليستطيع دعم المشروعات، فقد اختار أن يعيش حياة التقشف و كرس نفسه للعبادة و للقراءة، و لعدد من السنوات عاش في زاوية مسجد محلي مع مساحة لا تكاد تكفي ليستلقي بها، و بالإضافة إلى أنه لم يملك ثروة فكان يدعو لأقربائه أن يبقوا فقراء حتى لا يثيروا شكوك في أنهم يجنون من نفوذه.
و ظهر في العديد من حفلات جمع التبرعات وزار العديد من الأثرياء لمحاولة إقناعهم بدعم التعليم الحديث و الجيد، علاوة على تشجيع الناس للتبرع ظل كولن بعيدا عن أي تدخلات مالية بل شجع الداعمين للمشاريع على الإشراف على استخدام مساهماتهم، و أذى ذلك الموقف إلى وجود ثقة في نزاهة كولن و أمانته.
• مؤسسات كولن
1- بنك آسيا
بنك آسيا الآن واحد من أكبر أربعة بنوك مساهمة في تركيا، و افتتح في عام 1996 عندما اشترى 346 رجل أعمال تركي أسهما في البنك و حصلوا على ترخيص من وزارة الخزانة التركية لفتح بنك بدون فوائد (يسمى في الأصل بيوت التمويل)، و في ذلك الوقت كن بنك آسيا واحدا من ستة بنوك مثله و معروف باسم “آسيا فينانس” أي التمويل الآسيوي. و منذ ذلك الحين أفلس أحد هذه البنوك و اندمج اثنان، و أصبح بنك آسيا الأكبر بين البنوك الأربعة بنسبة 30 % من سوق الأسهم في تركيا.
فكيف يمكن وصف بنك آسيا بالبنك المستوحي من أفكار كولن؟ في أوائل التسعينات اتفق كولن مع بعض رجال الأعمال على أن فتح بنك بكون فوائد ربما كان فكرة جيدة، و قبل ذلك و في عام 1983 عندما وقع الرئيس أوزال قرارا بتأسيس بيوت تمويل خاصة بدون فوائد لكي يخدم الأتراك المسلمين الذين لا يريدون أن يضعوا أموالهم في حسابات لها فوائد، و لكون كولن صديقا للرئيس أوزال فقد دعم القرار و شجع رجال الأعمال على مواصلة خططهم لفتح بنك من هذا النوع، و كان بعض هؤلاء من رجال الأعمال الأوائل الذين ألهمتهم مواعظ كولن و كتاباته، و لم يكن الوصف ينطبق على كل رجال الأعمال البالغ عددهم 346، بل بعضهم لا يكترث بأفكار كولن و لكنه رأى فرصة تجارية في تأسيس مثل هذا البنك. و حضر كولن مراسم الافتتاح للبنك التقطت له صور فوتوغرافية مع بعض مالكي الأسهم الأصليين الذين حضروا، لذلك ساعد الإعلام على خلق صورة توحي بأن البنك مرتبط بحركة كولن، و لكن الوصف الأدق هو أن بعض المساهمين ف البنك كانوا جزء من الحركة و لكن كثيرا منهم لم يكونوا كذلك.
تستخدم بعض المدارس و المستشفيات المستوحاة من فكر كولن بنك آسيا في بعض احتياجاتها المصرفية، و لكن هذا الاختيار يعتمد على عطاءات تنافسية بين البنوك في تركيا، و كما يؤكد رئيس البنك السيد أونال كاباكا مرارا و تكرارا على أن البنك العمل بجد للمنافسة على الأعمال التي لديه، و أنه ليس لدى البنك ميزة تنافسية مع المشاريع المستوحاة من فكر كولن و لكنه يعمل جاهدا للحصول على تلك الصفقات كما هو الحال مع المشروعات الأخرى في تركيا، فعلى سبيل المثال فإن جامعة الفاتح- و هي مؤسسة مستوحاة من فكر كولن – عملت لعديد من السنوات مع أحد البنوك الحكومية، حتى فاز بنك آسيا بالصفقة بتطوير نظام لجمع الرسوم الدراسية حاز قبول مجلس إدارة الجامعة، و أصدر البنك بطاقة ائتمانية لعائلات الطلاب حيث يستطيعون دفع أقساط شهرية لدفع الرسوم الدراسية سواء للمدارس الابتدائية أو الثانوية أو الجامعات، و ظلت بطاقة الإئتمان هذه ناجحة و موافقة لحاجة العائلات التركية في دفع الرسوم الدراسية، و مع ذلك عرض بنك آسيا البطاقة الائتمانية ذاتها لخدمة كل المدارس الخاصة المهتمة و ليس فقط المدارس المستوحاة من حركة كولن. ولنجاحه مع بطاقات ائتمان الرسوم الدراسية، فإن بنك آسيا يخدم حاليا عددا من المؤسسات التعليمية من ضمنها عدد من الجامعات المحلية.
وباع عدد من المساهمين الأصليين حصصهم في البنك، و حاليا تعود 30% فقط من ملكية الأسهم للمجموعة الأصلية، و اليوم البنك عام و يمتلك العديد من الأفراد و الشركات أسهما فيه، و لا توجد طريقة لمعرفة عدد هؤلاء الأشخاص الذين ألهمهم كولن حيث إن الحركة ليست بها قائمة أعضاء، و الانتماء إلى المجموعة هو مسألة فردية تماما، و الرئيس الحالي لمجلس إدارة البنك هو رجل أعمال ثري يملك العديد من المشاريع المستوحاة من فكر كولن، و كان من مجلس إدارة جامعة الفاتح في وقت من الأوقات، و كونه مؤيدا لكولن ليس شرطا لذلك المنصب، و لا توجد علاقات رسمية بين كولن و مجلس إدارة البنك أو موظفيه أو عملائه، و تعقد كل ثلاث سنوات الجمعية العمومية للمساهمين شاملة المستثمرين الأجانب لانتخاب رئيس و أعضاء مجلس الإدارة، و معظم هؤلاء المساهمين لم يسمعوا بكولن أو حركته، يؤكد السيد كابكا أنه لا يوجد اليوم تأثير فعال لروح كولن و أفكاره في البنك.
ويصف كاباكا بنك آسيا بأنه بنك إسلامي من حيث إنه لا يأخذ فائدة على الأموال بل يستثمرها في معاملات حقيقية تنطوي على منتجات حقيقية بدلا من الفائدة المركبة على المال وحده، و بالإضافة إلى ذلك لا يمول البنك المقامرة أو المشروبات الكحولية، و يودع بعض غير المسلمين – من المسيحيين و اليهود الذين يعارضون آلية الفائدة المركبة لأسباب أخرى غير الدين – أموالهم في بنك آسيا، خاصة إذا ما كانت قيمهم الاجتماعية تتطابق مع قيم البنك، و قد حدث أيضا أن أداء البنك كان ممتازا لدرجة أن تضاعف رأس ماله 7 – 8 مرات منذ نشأته قبل 12 عاما، و في عام 2007 أعلن البنك أرباحا صافية بلغت 51 % و أفاد أن الأموال المودعة في حسابات تقاسم الأرباح ارتفعت بنسبة 47 % مع ودائع جارية بلغت 5 مليون دولار، و كنتيجة للنجاح المالي فقد جذب البنك مستثمرين عالميين من أفراد و شركات.
وخلال الأزمة المالية في تركيا عام 2002 و عزوف البنوك عن الاستثمار في شركات البناء سواء محليا أو عالميا، فلقد وجد بنك آسيا فرصة للنمو و دعم العديد من شركات البناء في منطقة الخليج العربي و أفريقيا، و نتج عن هذا الاستثمار تحقيق أرباح كبيرة للبنك ورفع شهرته في المجتمع الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، و حاليا فالعديد من حاملي الأسهم منتمون لمؤسسات خاصة في الولايات المتحدة و أوروبا، و من ضمن 5 مليارات دولار ودائع، هناك ما يقرب من 2 مليار مصدرها من الأفراد و 3 مليار من الشركات، و بينما تملك البنوك المساهمة في تركيا 2، 3% فقط من النشاط المصرفي التركي فإنها تنمو ارتفاعا من 1,1 % في عام 2001 مع وجود توقعات بزيادتها حتى 10% من السوق المصرفية التركية في غضون ثلاث سنوات.
وباختصار، بينما دعم كولن في البداية فكرة إنشاء بنك بدون فوائد و شجع رجال الأعمال الأصليين على متابعة خططهم لفتح بنك مثل هذا، فلم يكن هناك علاقات رسمية بين كولن و بنك آسيا، و بينما استلهم أفكار كولن بعض حاملي الأسهم الأصليين، لم يكن ذلك أيضا مع نمو البنك وزيادة قدرته التنافسية ونجاحه في السوق و اجتذابه المستثمرين الأجانب.
2- محطة تليفزيون المجرة
خلال الثمانينات بدأ كولن الدعوة لإعلام مسئول في كل من الصحف و الإذاعة، و في عام 1989 قابل حوالي 20 رجل أعمال في إسطنبول لاستطلاع إمكانية فتح محطة تليفزيون تكون ملتزمة بالتوازن و الموضوعية و لديها مسؤولية اجتماعية لإذاعة الخبر، بالإضافة إلى البرامج التي تؤكد على التوجه العائلي الذي يخلو من الجنس الصريح أو جرائم العنف، و قدر بعض الأعضاء في المجموعة الأصلية تكاليف بدء تشغيل المحطة بما يقرب من 250000 دولار، و اتفق رجال الأعمال على وضع رأس المال الأولي لمحطة المجرة أو كما يطلق عليه المشاهدون STV ، و بدأت إرسالها في 13 يناير عام 1993، و كانت تكاليف افتتاح المحطة الجديدة ما يقرب من أربعة أضعاف ما كان مقدرا، و لمدة الست أو السبع سنوات الأولى لم تستطع المحطة دعم نفسها مع تحقيق دخل، و كان الداعم لها رجل أعمال محلي من حركة كولن، و لكن بعد أربع أو خمس سنوات أصبحت المحطة داعمة لنفسها بشكل متزايد كل عام و ذلك بالأساس من خلال الإعلانات المدفوعة. و في عام 2002 لم تعد المحطة تحتاج مساعدة أ داعمين محليين.
وحاليا يكفي دخل الإعلانات لتغطية كل تكاليف التشغيل، و في الحقيقة فإن المحطة الآن لها هامش ربح يسمح لها بالتوسع في برامجها و أماكن بثها، و تتضمن برامجها الآن الدراما و الرياضة و الكوميديا و تليفزيون الواقع و برامج طبخ الطعام و برامج الأطفال و برنامج أخبار على مدى 24 ساعة. لكن ما الذي يجعل تليفزيون المجرة يختلف عن أية محطة تليفزيون تركية أخرى؟ و السبب وفقا للسيد كراكاس مدير العلاقات العامة هو أنها تؤكد على التوجه العائلي في كل برامجها، و تتضمن المحطة برامج تروج لأهداف الحركة لتحقيق الحوار بين الأديان و الثقافات.
وأحد البرامج المشهورة في الماضي القريب كان ” هل هناك من أحد؟” وهو برنامج واقعي بث في أعقاب زلزال عام 2004 خارج إسطنبول، حيث أنقذ عمال الإغاثة الذين دخلوا المنطقة المدمرة طفلة صغيرة كانت تنادي ” هل هناك من أحد؟ “، و تضمن البرنامج عائلتين الأولى فقيرة و الأخرى لها موارد اقتصادية، فتساعد العائلة الثرية الأسرة الفقيرة على إعادة بناء حياتها بعد وقوع الزلزال. و نتيجة لهذا البرنامج تدفقت التبرعات للمحطة لمساعدة ضحايا الزلزال و نشأت منظمة إغاثية غير ربحية سميت ب” هل هناك من أحد” لتوزيع الأموال على مناطق كارثة الزلزال و غيرها حول البلاد في كل العالم.
وبرنامج الطبخ في المحطة المسمى ” التفاح الأخضر” هو الأعلى في المشاهدة بين مثل هذه البرامج في تركيا، أما مسلسل ” تركيا واحدة” فكان أكثر العروض مشاهدة في البلاد في عام 2008. وبداية من عام 1998 بدأت شركة AGB – و هي شركة مركزية ترتب المحطات التليفزيونية على أساس 2500 معيار مختلف – بالتوصية بتلفزيون المجرة للمعلنين. و قد أعجب العديد من الشركات الدولية بحقيقة أن بث المحطة يتم بعدة لغات مختلفة و إلى مناطق كثيرة من العالم عن طريق الأقمار الصناعية مما نتج عنه إقبال كثيف أدى إلى أن محطة المجرة أصبحت تجارة مربحة، و اليوم تليفزيون المجرة لديه ميزانية سنوية تبلغ نحو 36 مليون دولار أو ما يعادل 3 ملايين دولار شهريا.
3- صحيفة ” زمان”
في أواسط الثمانينات اعتقد كولن و بعض من مؤيديه أن من الحكمة امتلاك صحيفة تقوم بعمل تقارير شاملة تعبر عن وجهة نظر الأيديولوجيات و الآراء المختلفة و عن الأنباء الجارية بموضوعية، و ترتكز على الحوار و التسامح بدلا من الكراهية بين المجموعات و تلغي من إعلانتها الكحول و العري.و في عام 1986 رأى مجموعة من رجال الأعمال الذين ألهمهم فكر كولن أن امتلاك صحفية بتلك الأهداف عمل جيد، و اشتروا أسهما في هذه الصحيفة، و هكذا انطلقت صحيفة ” زمان”.
الذين امتلكوا الجريدة ووضعوا أيديهم عليها منذ بدايتها رجال أعمال مهتمون بالإعلام، و على الرغم من أن بعض مالكي الأسهم تأثروا بكولن و استلهموا فكره، فلم يكن له أي مشاركة مادية أو إدارية في الصحفية، و لم يسبق له أن كان عضوا في مجلس إدارتها أو بنيتها المؤسسية على الرغم من كتابته عمودا في الصحفية كل جمعة.
و أعرب رئيس تحرير صحفية ” زمان”و اسمه أكرم دومانلي عم أن الهدف من زمان كما يلي : ” نحن نحاول أن نصدر صحفية على المعايير العالمية و هذا هو المعيار لدينا، و ليس لإنتاج صحفية دعائية لجذب مشتركين جدد للمجتمع، نحن نريد صحفية تتنافس مع غيرها من الصحف، نحن نتمنى أن تقرأ ” زمان” كأفضل صحفية، لذا فنحن نشجع موظفينا على جلب أفضل الأخبار”.
واليوم و بعد 22 عاما من بدايتها فإن لصحيفة ” زمان” أكبر معدل توزيع بين كل الصحف في تركيا، بمعدل اشتراكات مدفوعة760000 اشتراك، و عدد كبير من القراء و يقدر الإجمالي بنحو2 ,5 مليون شخص لليوم ( و ذلك يتضمن المشتركين و الذين يشترون الصحيفة من أكشاك بين الصحف).
بالإضافة إلى النسخة التركية من صحيفة “زمان”، و النسخة الإنجليزية ” زمان اليوم” ، توجد مجموعة إعلامية تتضمن مجلة أسبوعية ووكالة أخبار، و في عام 2007 وصل دخل المجموعة الإعلامية إلى ما يقرب من 250 مليون دولار، يأتي أكثر من نصفه من الاشتراكات، و مع ذلك يأتي للصحف أكثر من 50% من الدخل من الإعلانات و أقل من ذلك من الاشتراكات. و يكون مصدر معظم الإعلانات و أقل من ذلك من الاشتراكات. و يكون مصدر معظم الإعلانات من الشركات العادية التي ترغب في الوصول إلى الجمهور الخارجي و لا ترتبك بحركة كولن بأي طريقة، و كما أوضح السيد دومانلي : ” لا تريد هذه الشركات سوى تحقيق صفقات أفضل و ترى صحيفتنا كطريق للوصول إلى السوق المستهدفة”.
و”زمان اليوم” لا تدعم نفسها فقط بل إنها مشروع تجاري مربح للمساهمين فيها، و حاليا أكبر مساهم في “زمان” هو رجل ثري في صناعة الغزل و النسيج في تركيا، و السيد دومانلي غير متأكد من عدد أعضاء مجلس الإدارة الحالي المنتمين إلى حركة كولن،وأضاف أن اختيار أعضاء المجلس يكون من قادة الإعلام و رجال و رجال الأعمال في تركيا و لا يشترط وجود علاقات مع الحركة.
و عندما سألنا كيف تعكس الصحيفة الحالية أفكار كولن، رد السيد دومانلي أنه بدون تأثير كولن من حيث الأفكار المشتركة ” لم نكن لنستطيع إنجاز الصحيفة لأن لدينا أفكار كولن حول الحوار بين الحضارات و الأديان، لذلك فالصحيفة تعكس مجموعة متنوعة من الآراء المختلفة يصعب وجودها في الصحف الأخرى التي تتسم في أغلبها بالأيديولوجية، فنحن نحاول أن نعكس مختلف الآراء خاصة في الأعمدة، كما أن صفحات الرأي مفتوحة لأي أحد، و لا تتضمن كراهية لأي شخص”، و استمر قائلا : ” إن كتاب الأعمدة ينتمون إلى كل من اليمين و اليسار، و تأتي الآراء في قضايا من كل جوانب الأطياف, و من السياسات التي نحرص عليها في الصحيفة حرية التعبير عن الرأي بصرف النظر عن الدين أو المجموعة العرقية، و في رأي السيد دومانلي أن تلك السياسيات التي تدافع عن حرية الرأي هي ما يجعل ” زمان” ناجحة، و في حين لا يوجد ” طبقات” مصنفة طبقا لأفكار كولن أو آليات رسمية لنشر أفكار كولن يتبعها هيئة تحرير صحيفة ” زمان” فهناك مناخ عام يتضمن مبادئ كولن الأساسية من الحوار و التسامح و حرية التعبير و الالتزام بالديمقراطية و الشمولية”.
و أحد متطلبات استمرار ” زمان” في العمل هو الشفافية المالية، فكل عام تحقق الحكومة في ماليات كل صحفية و إذا و جدت أي مخالفات تتعلق بالعمليات المالية أو الشفافية فإنه يتم غلق الصحفية أو تكليفها غرامة مالية، و طوال 22 عاما من تاريخ ” زمان” لم تكن مخالفات على الرغم من المراقبة الدقيقة التي يقوم به مراقبو الحسابات المالية.
و باختصارـ ” فزمان” صحيفة مستوحاة من كولن من حيث ألهم كولن بعض المساهمين و شجع حماستهم بالإضافة إلى أن الصحفية ملتزمة بمفاهيم كولن عن الحوار و تمثيل مختلف الآراء و عدم كراهية أي شخص، و أيضا تقتصر الإعلانات على الإعلان الذي لا يروج للتعري أو الخمور أو الأنشطة الإجرامية، و مع ذلك لا يوجد رابط ن مالي بين الصحيفة و حركة كولن فهي مشروع تجاري ربحي المساهمين بها.
4-مؤسسة الكتاب و الصحفيين
خلال زيارة لإسطنبول في عام 1994 قابل كولن مجموعة من الكتاب و الصحفيين و اخبرهم أن لهم دورا تعليميا هاما في تشكيل الأفكار في الجمهورية خاصة فيما يتعلق بالحوار بين الثقافات و الأعراق و الأديان، و جاءت تصريحاته بعد عقد من الزمان علي الاستقطاب الشديد بين المثقفين في تركيا مما أدى في بعض الحالات إلى الصراع المسلح، فالاستقطاب المتزايد بين الشيوعيين و القوميين و الجماعات الدينية المتطرفة في تركيا، و الحرب الوحشية في البوسنة و الهرسك كانت الدافع وراء إصرار كولن على أن الحوار بن الثقافات و الحضارات و الأديان تحتاجه تركيا و العالم الآن أكثر مما سبق، و شجع كولن المجموعة على تجميع أشخاص من أيدلوجيات مختلفة و الجلوس معهم للحوار، و شجعهم على إنشاء مؤسسة تكرس لهذا الهدف.
و في يونيه عام 1998 شرعت المجموعة الأساسية التي قابلت كولن و ألهمتها رؤيته للمؤسسة الحوارية بإنشاء مؤسسة الكتاب و الصحفيين و مقرها في إسطنبول، ووافق كولن أن يشغل منصب الرئيس الشرقي للمؤسسة وهو الدور الذي أداه طوال أول عشر سنوات من المؤسسة، و في صلب المؤسسة اجتماعات ” منصة” أبانت ” وهو مكان لمناقشة وجهات النظر المختلفة التي تسلط الضوء على الرؤى المختلفة لحلول التحديات المشتركة، و أيضا القيم الإنسانية الأساسية التي تجمع المشاركين، و على سبيل المثال انضم لهذه الاجتماعات الأتراك من مختلف الخلفيات الفكرية و الدينية – بما في ذلك العلمانيين و الإسلاميين و التقليديين و الحداثيين و الملحدين و المسيحيين و اليساريين و المحافظين – لبحث و مناقشة المواقف المشتركة حول القضايا الرئيسية المعاصرة، و تحدد تصريحات ” منصة إبانت” – التي جاءت نتيجة تلك الاجتماعات الخطوط العريضة لنقاط الاتفاق المشتركة.
و يأتي التمويل الأساسي للمؤسسة من وحدة النشر و الكتب، و هي الكتب التي تمول المفكرين. و في حين سجل عدد كبير من الناشرين بيع حوالي 2000 نسخة من بعض الكتب، فقد باعت هذه المؤسسة أكثر من 500.000نسخة من بعض الكتب، خاصة تلك التي كتبها كولن. و من منشوراتها تجني المؤسسة ما بين 300.000 دولار إلى 500.000 دولار سنويا، و تجني من بيع الإسطوانات الموسيقية بعض الإيرادات، و إن حققت الحد الأدنى في معظم السنوات. و عند تنظيم حدث معين مثل اجتماع ” منصة إبانت” أو مؤتمر في موضوع محدد، تطلب المؤسسة من رجال الأعمال المحليين الدعم و قد تسلمت منحا حكومية في ثلاث مناسبات لتغطية تكاليف إحضار العلماء من بلاد أخرى بمجموع أقل من 50000 دولار، بالإضافة إلى أن المؤسسة بدأت ببعض المشاريع المبتكرة لتوفير المال، و منها إنتاج أسطوانات لمغني شهير وافق على التبرع بالعوائد لمراكز التعليم داخل المناطق الفقيرة في تركيا و العالم، بالإضافة إلى أن المؤسسة استطاعت جمع عشرة مطربين معروفين في تركيا – لا يرتبط أي واحد منهم بعمق بحركة كولن – للتبرع بأجورهم من أغاني إسطوانة باعت بالفعل 200000 نسخة في وقت قصير و ذهبت عوائدها لدعم أعمال المؤسسة.
و تضمن مشروع آخر لجمع التبرعات رعاية المؤسسة لمباراة كرة قدم بين الرياضيين القوميين الأتراك ورياضيين عالميين مشهورين، و استخدمت تلك الأموال التي جمعت من الحدث لبناء مدارس في البوسنة للطلاب الصرب و البوسنين، و توقف الصراع المعتاد بين الصرب و البوسنة على أبواب المدرسة، و ذلك لأن الطلاب من المجموعتين الاثنين حضروا للمدرسة بهدف الحصول على تعليم جيد.
و بسبب وضعها كمؤسسة قانونية، فإن مؤسسة الصحفيين و الكتاب مؤهلة للحصول علة مزايا ضريبية على الممتلكات التي تملكها للاستخدام التجاري، و مع ذلك فالمجموعة حاليا تستأجر الأماكن و بالتالي لا يمكنها الاستفادة من تلك الإعفاءات الضريبية، في عدة سنوات أنهت المؤسسة عامها بالديون، و لكن مع كتاب كولن الأخير الذي نشر و كان ناجحا جدا من حيث المبيعات تخطط المؤسسة لشراء عقار قريبا يخدم مكاتبها.
5-جامعة الفاتح
افتتحت جامعة الفاتح عام 1994 بعد موافقة مجلس النواب على طلب إنشاء جامعة خاصة ليتم بناؤها في ضواحي إسطنبول، و في تركيا المؤسسات الخيرية هي التي تستطيع إنشاء جامعات خاصة تستهدف الربح و ليس الأفراد أو الشركات. و كان مقر ” مؤسسة التأسيس” التي بدأت تمويل الفاتح في أنقرة و تآلفت من داعمين متصلين بحركة كولن، و جاء التبرعات من داعمي كولن في مدينين : مدينة أنقرة حيث تبرع رجال الأعمال بالمال لبناء و دعم الجامعة، و مدينة إسطنبول، و قد تبرع أحد رجال الأعمال الأثرياء بالأرض التي يقع فيها مقر الجامعة و قيمت في ذلك الوقت بمقدار 5 مليون دولار، و الآن تبلغ قيمة الأرض 100 مليون دولار، و ما إذا خصصت الأرض حتى ساهم رجال أعمال آخرون في البناء و الافتتاح التمهيدي للجامعة.
حاليا تكفي الرسوم الدراسية لتكاليف تشغيل الجامعة بما في ذلك صيانة المباني ورواتب أعضاء هيئة التدريس … الخ، و ينص القانون التركي على أنه لا يمكن بناء مباني من الرسوم الدراسية، و لكن يجب أن تجمع المؤسسة التبرعات لمثل هذه النفقات. و تم بناء جميع مباني و مختبرات الجامعة من خلال التبرعات التي جمعتها المؤسسة، و منذ عدة سنوات بنت المؤسسة مختبرا تكلف 7 مليون دولار، و في عام 2007 أنهت الجامعة مبني للدورات التمهيدية تكلف 4 مليون دولار، و في عام 2008 احتاجت الجامعة 15 مليون دولار لبناء مختبرات وردت المؤسسة على ذلك بأنها لا تستطيع جمع مثل ذلك المبلغ في عام، لذلك سوف تعطي النصف هذا العام و النصف الآخر العام التالي.
ويقوم العديد من الأشخاص و معظمهم من داعمي كولن بتقديم مساهمات للمؤسسة، و هناك عدد صغير من الأفراد واسعي الثراء يقومون بمساهمات كبيرة، و تقوم الجامعة غالبا بتسمية مبنى أو مختبر بأسمائهم لتكريم مثل هذا التبرع، و المؤسسة و الجامعة في غاية الحرص في شروط قبول التبرعات مع النية بعدم قبول الأموال من الجماعات السياسية المتطرفة، و حديثا كانت الجامعة في حاجة ملحة للعديد من المباني التعليمية الجديدة، و كان لديها الفرصة للتقديم في منحة تنموية من البنك الإسلامي الذي يقدم أموالا بدون فائدة للجامعات في البلاد الإسلامية كترويج للتعليم، و مقر البنك في المملكة السعودية العربية، و يتم الحصول على المال من خلال الحكومة التركية، و قام المسؤولون في الجامعة بتقديم المقترح على كولن الذي حث بقوة على عدم المضي قدما في القرض و كما قال إنه نظرا لحقيقة أن البنك يقع في المملكة العربية السعودية فإن الناس سوف يتهمون الحركة بقبول أموال من السعودية و ذلك ما أصر على أنه ليس فكرة جيدة، و نصح المسؤولين بالانتظار و التحلي بالصبر و الحصول على المال من مجتمع كولن في تركيا.
وطبقا لقانون التعليم العالي في تركيا عندما تستوفي جامعة معايير معينة فإن الحكومة تعطيها 10% من ميزانيتها كل عام، و يخصص هذا الكتاب لكل جامعة مؤهلة في تركيا، و في عامي 2006 و 2007 تأهلت الفاتح و حصلت على منحتها، و في عام 2008 فشلت في معيار واحد و حرمت من المساعدة.
العلاقة بين المؤسسة و الجامعة مالية بحتة، و في الحقيقة لا يعرف المسؤولون في الجامعة من هم أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، و حكي نائب رئيس الجامعة الذي قابلته قصد للتأكيد علي تلك الحقيقة قائلا إنه كان في مقابلة في إسطنبول و ذكر أن الجامعة في حاجة لمزيد من الأراضي للتوسع، فعلق رجل في المجموعة لم يكن يعرفه قائلا : “هل تقصد أن الأرض الأصلية التي أعطيتها ليست كافية؟”، أي أنه بالصدفة قابل المتبرع الأصلي للأرض، و بالمثل فإن إدارة الجامعة ليست على علم بمن هو موجود في مجلس إدارة المؤسسة أو من يساهم في المؤسسة، فالمال يعطى للمؤسسة لدعم الجامعة من بين مشروعات أخرى، و عندما يتبرع الناس للمؤسسة فهم غير متأكدين أي المشروعات سوف تمول بأموالهم.
ولا تملك المؤسسة أي سلطات على الجامعة غير توفير التمويل لمشروعات محددة عندما تطلبها إدارة الجامعة، ولا يوجد أي فرد عادة في المؤسسة داخل مجلس أمناء الجامعة و لا يحق له بالمشاركة في الشؤون الأكاديمية للجامعة، و هذا ينطبق على الأفراد المتبرعين للجامعة، فعلي سبيل المثال تبرع صاحب شركة حلي بمال لمبني في الحرم و أتى لافتتاح المبنى و لم يره الإداريون في الجامعة مرة أخرى.
وعندما سألت عن نسبة طلاب الجامعة المشاركين في حركة كولن، قدرها دكتور أتشيكجينتش نائب رئيس الجامعة بما نسبه 50% متعاطفين، و بمعنى أنهم مشاركون بمستويات مختلفة في الحركة، و جامعة الفاتح معروف ارتباطها بكولن و الانضمام للجامعة يدل عادة على أن الطالب ليس معارضا لحركة كولن، و لا يوجد قسم للدراسات الدينية في الجامعة و لا دورات عن كولن و أفكاره و لا صور و لا تماثيل له، و لا تنظيم لدوائر أو مناقشات تركز على تعاليمه. و أي دائرة محلية من الطلاب تلتقي لمناقشة أعمال كولن تكون تطوعية و غير رسمية، و هناك تفضيل لتوظيف الإداريين الملهمين بفكر كولن حتى تحافظ الجامعة على رسالتها وفقا لروح كولن، و مع ذلك فهناك أقل من 50% من أعضاء هيئة التدريس من الحركة. و تحاول الجامعة توظيف هيئة التدريس الذين يشتركون في القيم التي يتبناها كولن من الشمولية و الحوار و احترام التعليم و إعداد الطلاب بطريقة إنسانية ليحترم بعضهم البعض، و ليكونوا مواطنين صالحين يقومون بدورهم باحترام بلادهم,
وفي جامعة الفاتح يتم تطبيق القانون التركي بمنح الكحوليات في الحرم الجامعي بصرامة ليست موجودة في الجامعات الأخرى،و لذلك السبب تفضل العديد من الأسر التركية إرسال بناتها إلى جامعة الفاتح، و يتوقعون أن تكون الفتيات آمنات و تحت إشراف أكثر صرامة من العديد من الجامعات التركية الأخرى، لذلك فالجامعة لديها حضور نسائي أكبر من الطلاب الذكور بالمقارنة بجامعات أخرى كثيرة.
مستشفيات ملهمة بفكر كولن
هناك ست مستشفات مستوحاة من فكر كولن في تركيا قمنا بزيارة اثنين منها هما مستشفى ” سما ” في إسطنبول و مستشفى ” بهار ” في بورصا، و قد تم تمويل مستشفى سما في البداية من خمسة رجال أعمال في مجتمع كولن أرادوا البدء في مشروع في قطاع الرعاية الصحية و تناقشوا مع كولن في فكرة نموذج التعليم للمدارس المستوحاة من فكر كولن و فتح مستشفى خاص، فدعم كولن الفكرة و شجعهم في مباشرة خططهم. ووفر رجال الأعمال الخمسة الأصليون التمويل الأولي لمستشفى سما من أموالهم الشخصية و أموال اقترضوها بسبب نفوذهم المالي لدى البنوك في إسطنبول، و ما زال رجال الأعمال الخمسة الأصليون في مجلس أمناء المستشفى مشاركين بقوة في تشغيلها.
وبالرغم من امتلاك تركيا لرعاية صحية عالمية فإنها لا تغطي كل النفقات المطلوبة في المستشفيات الخاصة، و لبعض الأسباب الطبية فمشاكل القلب و العناية المركزة و علاج العيون لا يطلب المستشفى خارج حدود المبلغ المقدم من التأمين الصحي العالمي، و بالنسبة لغير ذلك من النفقات فإن بعض الناس قادرون على تحمل دفع رسوم القطاع الخاص و البعض الآخر لا يمكنه، و للمرضي غير القادرين غالبا ما يدفع فواتيرهم داعموا كولن و أحيانا ما يرافق الداعم المريض و يطلب أن ترسل الرسوم الزائدة عن التأمين له ليدفعها، و في حالات أخرى يرسل متبرعون مجهولون أموالهم لمساعدة المرضى المحتاجين و لا يعرف العاملون في المستشفى لا يعرفون من هم، و في حالات ثالثة يأتي المرضي في حاجة لرعاية طبية و لكن يقولون مقدما إنهم لا يستطيعون الدفع خارج التأمين الصحي الحكومي، و في هذه الحالة يحاول العاملون في المستشفى البحث عن متبرع قادر على المساعدة، و علقت مديرة الصحة العامة في المستشفى كريستين و هي خريجة جامعه هارفارد بقولها :
” نحن نملك شبكة دائمة من الأشخاص الداعمين للمرضي، و هذا النظام غير رسمي لكنه ناجح، و حركة كولن فعالة جدا في إدراك أننا مستشفى جديدة، و نحن بحاجة للوقوف على الأرض، و الداعمون لا يريدون تأخير إنجازاتنا، لذاك فهم كرماء جدا في دعمهم”.
وفي الخطة الإستراتيجية لمستشفى سما لا توجد أهداف مالية، و التركيز موجه نحو رضا الموظفين و المرضى، و لأنه مستشفى خاص فهو لجني الأرباح، و لكن الأرباح لا تذهب لرجال الأعمال الأصليين لتعزيز حافظتهم المالية، و لكنها بدلا من ذلك تذهب لتطوير و توسيع المستشفى و لتوفير رعاية أكثر للفقراء أو مساعدة مستشفيات أخرى لتبدأ و تنجح، أضافت كريستن ووافقها مجموعة من الأطباء عدة مرات في المقابلة بأنه إذا ما طورت مستشفى سما نموذجا ناجحا فإن اتباع كولن سيقومون ببناء مستشفيات أخرى تخدم مزيدا من المحتاجين بعلاجهم ورعايتهم في جو من الإنسانية و الرعاية.
و تختلف مستشفى سما عن باقي المستشفيات الخاصة و العامة في طرق أساسية :
1- توظيف الأطباء و العاملون و دفع رواتبهم.
2- استراتيجية التسعير.
3- معاملة المرضى.
وفي العديد من المستشفيات فإن الأطباء و موظفي الخدمة العامة مشغولون جدا، و كما علق طبيب بقوله : ” غالبا ما يعامل الطبيب المرضى بوصفهم أشخاصا مزعجين في المستشفيات العامة”، و استمر الطبيب قائلا : ” هناك شيء مختلف في هذا المستشفى فالناس يعملون ليس من أجل المال”، و لكن من أجل المرضى. و عملية التوظيف في مستشفى سما صارمة، و في حين أن الشهادات و الخبرة هامة مع كل من العاملين الطبيين و غير الطبيين فإن هيئة التوظيف و التعاقد مع الموظفين أيضا ” تبحث عن جوهر الأشخاص أكثر مما تبحث عن خبرتهم، فممرضة تستمتع بمساعدة الناس أكثر فائدة للمرضى من ممرضة عي تدريب عالي و لكنها لا تحب الناس”، و علق أحد الأطباء بأن عددا كبيرا من الثمانين طبيبا الموجودين في مستشفى سما ينتمون إلى حلقات كولن المحلية قبل توظيفهم، و الآخرون غير المشتركين في الحركة يريدون أن يعملوا في مكان إنساني و مبني على نموذج مدرسة كولن، و في كثير من الأحيان يأخذ الأطباء أجرا منخفضا في مستشفى سما، و لكن رغبتهم أن يكونوا جزء من طاقم عمل يعطي الأولوية لرعاية المرضي في أجواء داعمة تفوق حرصهم على المال، و على جانب آخر فبعض العاملين في الرعاية الصحية و الإدارية يعلمون أن مستشفى سما مستوحاة من فكر كولن و ما كان لهم أن يختاروا العمل بها ما لم يكونوا متوافقين مع الثقافة و الأجواء في المستشفى.
ومن بين 200.000 طبيب في إسطنبول يرتبط حوالي 2000 بحركة كولن وهم جزء من الحلقات المحلية للأطباء، و في أبريل عام 2008 ذهب 80 طبيبا مرتبطين بحركة كولن على نفقتهم الخاصة إلى جنوب شرق تركيا لرؤية المرضى دون أي أجر لمدة ثلاثة أيام، و تم نقل 130 من هؤلاء المرضى و معظمهم مصابون بأمراض القلب إلى مستشفى سما و علاجهم مجانا، و بالإضافة إلي ذلك فإن كل حلقات الأطباء المرتبطة بحركة كولن تعطي المال للحركة كما يفعل العديد من العاملين في المستشفى، و في الحقيقة فإن العاملين بمستشفى سما يدعمون مدرسة مستوحاة من فكر كولن في ألمانيا.
وتعالج مستشفى سما أيضا المدرسين في كل المدارس المستوحاة من فكر كولن في أي مكان في العالم بنفس حجم فواتير موظفي المستشفى، وهو تخفيض يصل إلى 80% من الرسوم المعتادة، و كما ذكرت كريستين أن ذلك يحدث لمساعدة هؤلاء المدرسين الذين ما يتلقون غالبا الحد الأدنى من الأجور و لا يستطيعون دفع التأمين الصحي الإضافي، لذلك ” فنود تكريمهم للعمل الذي يقومون به”، فعلى سبيل المثال في اليوم السابق على مقابلاننا أتي مدرس من مدرسة مستوحاة من فكر كولن في نيجيريا لعلاج من أمراض متعددة، و كامتنان للرعاية الصحية التي قدمتها مستشفى سما لهذا المريض و عد الوزير النيجيري بتقديم أرض لإقامة مستشفى مستوحاة من فكر كولن في نيجيريا. و قال أحد الأطباء الذين قابلتهم إن بعضا من مجموعة الأطباء الذين زاروا جنوب شرق تركا لتقديم الرعاية الطبية كانوا يخططون لزيارة إفريقيا لتحديد ما إذا كان من الممكن فتح مستشفى هناك على أساس النموذج الناجح من المستوحاة من فكر كولن مثل مستشفى سما الآن. و في الواقع فقد قال إن السيناريو المثالي سيكون في تدريب الأطباء و الممرضات في نظام كولن التعليمي و توظيفهم في مستشفيات مستوحاة من فكر كولن حتى يتثني للأهداف المستوحاة من فكر كولن أن تتخلل مختلف هذه المؤسسات .
ومن حيث تجربة المرضى للجو الفريد في مستشفى سما أعطت كريستين مثالا لعامل من ذوي الياقات الزرقاء الذي قال بعد عملية جراحية في القلب : ” لقد تعلمت هنا أنني بشر و لم أستطيع فهم قيمتي كإنسان حتى أتيت إلى هنا”، و أضافت أن المستشفى لديها شهادات كثيرة من هذا القبيل لكيفية رعايتها للمريض بطريقة تختلف عن العديد من المستشفيات الأخرى، و يأتي لمستشفى سما مرض من داخل تركيا و بلدان أخرى لمعرفتهم أنها مستشفى مستوحاة من فكر كولن، و يأتي آخرون لسماعهم أن المستشفى يوفر أعلى درجات الرعاية في جو يحترم المريض بوصفه إنسانا.
مستشفى ” بهار” في بورصا
بدأت مستشفى بهار كمركز طب في عام 1998 عندما قام مجموعة من رجال الأعمال بتوظيف 6-5 أطباء لإدارة عيادة طبية صغيرة، و بالإضافة إلى رجال الأعمال كان هناك دعم شعبي من العديد من أعضاء حركة كولن في ” بورصا” الذين أرادوا بناء مركز طبي، و تم شراء أول سيارة إسعاف من مال حلي نساء داعمات تبرعن به، و في عام 2004 افتتح أول طابق من المبني كمستشفى، و في الطابق العلوي من المبني المكون من 8 طوابق كانت هناك مدرسة مستوحاة من فكر كولن، و نقلت لاحقا ليتوسع المستشفى. واليوم يمتد في 8 طوابق مع 80 سريرا للمرضى و 53 طبيبا، و مجموع 400 من العاملين في المستشفى.
وفي جميع وحدات المستشفى فإن المعدات الطبية متقدمة تقنيا بما في ذلك وحدة القلب والأوعية الدموية و التي تم فيها تنفيذ أكثر من 700 عملية جراحية في القلب، و من ثمانية مستشفيات خاصة في المدينة فإن مستشفى “بهار” هو الثالث، و يؤدي نحو 10 آلاف عملية جراحية كل شهر مع بميزانية سنوية تبلغ 40 مليون دولار بمعدل ربح يبلغ 10 – 15% .
وشعار المستشفى هو ” الثقة في الطب”، و غالبا ما يشكك المرضي في تركيا أن الأطباء يصفون منتجات و أدوية لدوافع ربحية و ليس لمصلحة المريض، و من الملامح الرئيسية للمستشفى اعطاء الثقة للمرضى، فعلى سبيل المثال إذا أراد المريض رؤية طبيب عيون في إسطنبول ليستشيره في حالة عينيه و شك في التشخيص فإنه يأتي إلى ” بهار” بناء على نصيحة صديق قال إنه يستطيع أن يثق في الأطباء في هذا المستشفى.
ويصر المستشفى على أن يعامل العاملون المرضى مثل كأعضاء العائلة و يجعلوهم يشعرون كأنهم في البيت في، ويوظف العاملون و من ضمنهم الأطباء بناء على معايير كل من الكفاءة مشاركون في حركة كولن، أما النسبة الباقية ( 60% ) فليسوا جزء من الحركة و لكنهم يشتركون في قيمة وضع الرعاية الصحية للمريض أولا.
ولدى المستشفى القدرة على تحمل تكاليف المرضى الذين لا يستطيعون الدفع، و مذهب أطباء من المستشفى مرتين في الأشهر الأخيرة إلى جنوب شرق تركيا ووجدوا المرضى الذين في حاجة لعمليات جراحية و تم نقلهم إلى ” بهار” لتلقي العلاج. ولم يدفع هؤلاء المرضى مقابل ذلك، و تحت قيادة المستشفى وجدت جمعية تجذب الأطباء الذين يريدون فعل الخير على غرار “أطباء بلا حدود”، و معظم هؤلاء الأطباء جزء من حركة كولن، و أرسلت الجمعية 35 طبيبا من بورصا لمدينة في جنوب شرق تركيا و 40 لمدينة أخرى.
ويتماشى جدول رواتب الأطباء مع متوسط رواتب الأطباء في القطاع الخاص. و يصر المستشفى أن تدفع للأطباء رواتب كافية حتى لا يشغلهم الراتب فيركزون على الرعاية الجيدة للمرضي، بالإضافة إلى أن العديد من الأطباء ينتمون إلى الحلقات المحلية للأطباء، و من خلالها يتعهدون بدعم مالي لمشروعات متنوعة منها مشاريع الرعاية الصحية و المدارس و المنح الدراسية، و على سبيل المثال فإن طبيبا ممن قابلتهم و يجني 120000 دولار سنويا ولديه ثلاثة أطفال و يتعهد بنسبة 30% من دخله السنوي للمشروعات المستوحاة من فكر كولن وهو مبلغ يقدر بما قيمته 40000 دولار سنويا، و قال إنه يعرف أطباء يتعهدون بنسبة 50% من رواتبهم السنوية لتلك المشروعات، و قدر أن التبرعات من الأطباء في بورصا تدعم حوالي 600 منحة دراسية في العام، و كل واحدة مقدارها 1500 دولار ، و يبلغ مجموع التبرعات حوالي 900000 دولار سنويا، و أضاف قائلا : يدعم الأطباء أيضا مباني مدرسية محددة و مشاريع أخرى عند ظهورها.
وعلق عندما سألته لماذا يتم التبرع بمثل ذلك قائلا : ” أرى ذلك شكرا لله”، و بدأت تلك العقلية عندما كنت أقيم في منازل حيث يقيم الطلاب و تخرجت ورأيت رجل أعمال يتبرع بمبلغ ضخمن فأردت أن أتبرع بمثل ذلك المبلغ عندما تتاح لي الفرصة، لذلك فأنا أؤمن أنه شكر لله و أنه سيكافئ هؤلاء الذين يتصرفون وفقا لمشيئته.
وفي كلية الطب كان ذلك الطبيب يقيم في مساكن و بيوت الطلبة و لاحظ أن المال الذي يدفعه لا يكفي لتشغيل المنزل، ورأي عائلات تدعو الطلبة لتناول العشاء و تساءل من أين يأتي المال من أجل هذه الأنشطة، ثم رأى رجل أعمال يدعم هذه المنازل و دعوات العشاء و غيرها من المشاريع و أراد أن يكون على جانب من ذلك العطاء.
المؤسسات التعليمية : بيوت الطلبة و الدورات التمهيدية للكليات
في قلب تعاليم كولن تأكيده على الحاجة للتعليم الجيد لجميع الشباب التركي و رأيه أن التعليم هو الحل الرئيسي للمشاكل الثلاث التي تعاني منها البلاد النامية و هي الفقر و الجهل و المرض، و استمر قائلا : إن المعرفة ورأس المال العامل و التوحيد يمكن أن يكافحوا ضد هؤلاء، ورأى أن الجهل هو الأكثر أهمية من بين تلك المشاكل، و التعليم حاجة ملحة في المجتمع التركي، و نوه بأن كل مشكلة في حياة الإنسان تعتمد في النهاية على البشر أنفسهم، و بالتالي فالتعليم هو الوسيلة الأكثر فعالية بغض النظر عن ما إذا كان لدى المجتمع نظام سياسي و اجتماعي مشلول أو نظام يعمل مع دقات الساعة، و شجع كولن الناس لخدمة بلدهم و الإنسانية في العموم من خلال دعم التعليم و الترويج له.
وبجانب أن يروج دائما للتعليم في خطبه فإن كولن يشجع رجال الأعمال و الصناعة الأقوياء بجانب صغار رجال الأعمال على الدعم المالي لجودة التعليم، و أدرك أن إعداد مدرسين ممتازين هو الخطوة الأولى الحاسمة تجاه تعليم أرقى في المدارس، و لكن هذا الهدف يتطلب وقتا لتحقيقه، و لذلك كخطوة أولى شجع مالكي الشركات و رجال الأعمال على دعم بيوت الطلبة حيث يمكن للطلاب أن يقيموا و يدرسوا معا تحت إشراف معلمين متفانين، و كذا لهذا التطبيق أهمية خاصة لشباب الريف الموجودين في مدارس ثانوية و جامعات في المدن الكبرى ممن لا يستطيعون تحمل نفقات الإقامة و الطعام بالإضافة إلى الرسوم المدرسية و الكتب. و إلى جانب توفير ترتيبات المعيشة، فقد كانت بيوت الطلبة هذه توفر معلمين لمساعدة الشباب المقيمين فيها في دوراتهم التعليمية.
وقام كولن نفسه خلال السبعينات بتعليم الشباب في بعض بيوت الطلبة و في شقته الخاصة، و يشير السيد يافوز وهو رجل من بورصا في السبعينات من عمره أنه و معه أخوه قاما بتأجير الدور العلوي من مبنى يملكونه إلى كولن الذي كان يحضر باستمرار طلبة إلى شقته لتعليمهم، كما شجع الطلاب الآخرين على تعليم أولئك الذين لا يؤدون بشكل جيد في فصولهم الدراسية.
وبعد أربعين سنة و في أبريل عام 2008 عندما كنت أجري بحوثا في تركيا استمرت بيوت الطلبة المستوحاة من فكر كولن في الانتشار في جميع أنحاء تركيا مع عدد هائل في كل مدينة، و يدعم بيوت الطلبة تلك رجال الأعمال و المهنيون و العمال المحليون المرتبطون بحركة كولن، و بينما يتم فرض رسوم ضئيلة جدا على المقيمين، فإن العديد من الطلاب لا يستطيعون تحمل النفقات و يحتاجون إلى الدعم. و القليل من بيوت الطلبة مستقلة ماليا تماما و يعتمد معظمها على دعم الرعاة المحليين. و كما يبدو جليا في الفصل الرابع،و الذي يحمل عنوان ” شبكة الحلقات المحلية” فإن الكثير من الحلقات المحلية تقوم على رعاية الطلاب في بيوت الطلبة ذات العلاقة بحركة كولن، و قد كان الكثير من المشاركين في الحلقات المحلية التي أجريت لقاءات فيها قد تعرفوا أول مرة على حركة كولن في بيت من بيوت الطلبة حيث أقاموا خلال المرحلة الثانوية أو، وهو الأمر الأكثر شيوعا، أثناء الدراسة في الجامعة أو بالإضافة إلى الترويج لبيوت الطلبة شجع كولن مشروعا آخر هو تأسيس دورات تحضيرية للجامعة لإعداد طلبة الثانوية للامتحان الإجباري للطلبة الذين يريدون دخول الجامعة، و من بين ما يقرب من مليوني خريج من المدارس الثانوية الذين يجرون الامتحان كل عام، و يتجاوز حوالي 10% ممن لا يحضرون دورات تحضيرية ذلك الامتحان. و يزيد العدد إلى حوالي 50% لأولئك الذين يحضرون دورات مدعومة من الدولة أو أخرى يتم توفيرها بشكل خاص. و حاليا، توجد الدورات التحضيرية، كما تسمى هناك، و التي يدعمها و يقوم على العمل فيها متخصصون في التعليم ممن يشاركون كولن فلسفته التعليمية، توجد تلك الدورات في كل مدينة في أنحاء تركيا تقريبا، و يحسن الطلاب الذين يحضرون الدورات التحضيرية علاماتهم، في المتوسط، بحيث يتجاوز 70 – 80% منهم الامتحان. و يعد أحد أسباب نجاح هذه الدورات هو جودة المعلمين الذين يقومون على التعليم في الدورات و التزامهم، و الذين يعد الكثير منهم جزءا في حركة كولن و تدفعهم أسباب تتجاوز مجرد التعويض المادي.
بينما تمتلك الدورات التحضيرية المستوحاة من فكر كولن و تدار كمشروع تجاري يتقاضى رسوما، فهناك طلاب يريدون حضور تلك الدورات و لا يستطيعون دفع رسومها لذا يتم توفير منح دراسية للطلاب المحتاجين لحضور الدورات التحضيرية من قبل الدوائر المحلية التي قابلتها، و يوفر ذلك الدعم فرصة للطلاب غير القادرين على الحصول على إعداد جيد لدخول الامتحان، و حضر العديد من المشاركين في حركة كولن هذه الدورات التحضيرية لأول مرة، حيث توفر كل من بيوت الطلبة و الدورات التحضيرية فرصا تعليمية و تخدم الشباب التركي ربما بغير قصد، كما أنها تعمل كآلية تجنيد للمشاركين في الحركة.
المؤسسات التعليمية : المدارس التي ألهمها فكر كولن
وكان محور حركة كولن المدارس التي قدرت بأكثر من 1000 مدرسو موجودة في جميع أنحاء تركيا و 100 دولة تقريبا حول العالم و تقع في خمس قارات، و في تلك المدارس تم تطبيق فلسفة كولن التعليمية مبكرا و بوضوح، و أكبر دليل على ذلك أنها نتائج أفكاره التعليمية. إن هدف تلك المدارس هو خلق أجيال قادرة على المنافسة من الناحية العلمية و الذين سيكونون أيضا مؤمنين مخلصين و مواطنين يتمتعون بالانتماء. و هدف هذه الأجيال هو التغلب على الصراع المفترض بين الدين الإسلامي و طرق الحياة الإسلامية – التركية و بين العلوم الغربية.
ويشار للمدارس بأنها ” مدارس كولن”، رغم أنه لا يملكها بل تملكها شركات خاصة و مؤسسات أسسها رجال أعمال ملهمون بفكر كولن و يتشاركون أفكاره. و كولن نفسه لديه اتصال ضعيف، إن وجد، مع المدارس و لا يعلم حتى أعداها أو أسماءها و قد ألهم مثله الشخصي القديم نفسه و المتمثل في كونه رجل تعليم، إلى جانب أفكاره حول التعليم و المجتمع العالمي و التقدم الإنساني، ألهم كل ذلك جليا من الناس ليبنوا مدارس في كل أنحاء تركيا ووسط آسيا و أوروبا و إفريقيا و غيرها من الأماكن قائمة على المثل العليا لكولن. و بهذه الطريقة غدت تلك المدارس تحمل اسم مدارس كولن.
ومثل كل المؤسسات المستوحاة من فكر كولن ( مثل منظمات الإعلام و المستشفيات و بيوت الطلبة والدورات التحضيرية) لا يوجد منظمة مركزية أو هيكل رسمي يدير المدارس و يشرف عليها، و بدلا من ذلك فإن كل مدرسة بدأها مجموعة من رجال الأعمال و المشاركون الآخرون في حركة كولن الذين رأوا الحاجة لمثل تلك المدارس في المنطقة المحلية، و تم جمع الأموال و التخطيط لتحقيق ذلك، و في العديد من المقابلات سمعت مرارا و تكرارا أنه داخل تركيا لا يوجد دعم حكومي للمباني أو للترميم أو لصيانة المدارس، فالدعم المالي في البداية يأتي من الداعمين المحليين حتى تغطي الرسوم الدراسية من الطلاب تكاليف المدرسة.
تدفع في مدارس كولن رسوم المدارس الخاصة مع معايير صارمة في القبول، لذلك فهي مدارس النخبة ويميل الطلاب فيها إلى تسجيل درجات عالية في التحصيل الدراسي كمدخل للجامعة و النجاح في المسابقات الوطنية و المدرسية الدولية. و تتبع المدارس مناهج الدولة المضيفة و غالبية المواد تدرس باللغة الإنجليزية مع بعض التركية، و بالإضافة إلى هيكل الرسوم المدفوعة يدفع الآباء رسوم التعليم و يدعم رجال الأعمال المدارس التي توفر فرصا تعليمية لبعض الطلاب من خلفيات محرومة اقتصاديا، فحوالي 10-40% من عدد الطلاب في كل مدرسة يتلقون منحا دراسية للحاجة، و لذلك يدرك الآباء أنه بجانب الرسوم التي يدفعوها لأطفالهم فإنهم يساعدون طلابا محتاجين ماليا أيضا، و أسس بعض الآباء و داعمو التجارة منحا دراسية إضافية للطلاب المحتاجين.
وفي تركيا منهج الدولة علماني تماما مع ساعة واحدة فقط أسبوعيا للتربية الدينية داخل كل المدارس. و تنفذ مدارس كولن هذا النموذج، و في الساعة المطلوبة لتعليم الدين لا يركزون فقط على الإسلام و لكن على تعريف الطلاب على الأديان الأخرى. و الاختلافات بين مدارس كولن و المدارس الخاصة الأخرى و الحكومية هي من عدة عوامل، الأول : هو التأكيد على القيم الأخلاقية، حيث يعد كولن الإسلام الأساس للقيم الأخلاقية، و ترى مدارس كولن نفسها مخلصة للإسلام لأنهم يوفرون الإرشاد و النموذج الأخلاقي للطلاب، الثاني : يتم اختيار المعلمين بعناية في المدارس و تدريبهم على مفهوم القدوة فبدلا من وعظ الإسلام في المدارس فإن المعلمين قدوة للطلاب في أعمالهم الصالحة و سلوكهم الأخلاقي. و بالإضافة إلى التزام المدرسين بالتنمية التعليمية و الأخلاقية للطلاب التي تتسع خارج اليوم الدراسي الطبيعي، فمن غير الطبيعي أن يبقى المدرسون عدة ساعات بعد اليوم الدراسي للتعليم و العمل مع الطلاب و يعملون بشكل وثيق مع عائلات الطلاب أيضا و غالبا يزورونهم في منازلهم لمناقشة تطور الطلاب أو المشاكل التي تظهر.
ويتم اختيار المدرسين بعناية و عادة ما يكونون جزء من الحلقات المحلية، و غالبا ما يكون المدرسون تعلموا في مدارس كولن و العديد منهم أقام في بيوت الطلبة ” بيوت النور” بالإضافة إلى كونهم مختصين في موضوع معين، و المدرسون على دراية و التزام بالمثل العليا لحركة كولن.
ودائما ما يشجع كولن طلاب الجامعة على اختيار التعليم كمهنة، و الترويج لمهنة التعليم كمهنة تتفوق على الطب أو الهندسة أو القانون على الرغم من أن احتمالات الثراء أعلى في المستقبل خارج مهنة التعليم، فهو يري أن خدمة الشباب من خلال التعليم واجب على كل إنسان مسئول، و تستوفي السبب من خلق الإنسان، و مع ذلك التحفيز رفع كولن من حالة المدارس من مهنة غير مقدرة منخفضة الأجر إلى إدراكها كمفتاح لبناء مستقبل البلاد، و كنتيجة للقيمة التي وضعها للمدرس قام العديد من الشباب بالتخصص في التعليم، و يحترم أتباع كولن في العموم الأشخاص الذين اختاروا تكريس حياتهم المهنية في التعليم، و السمة الرئيسية المميزة لمدارس كولن هو كادر المدرسين المتفانين وهو العامل الرئيسي الذي يفسر نجاحها، و الحقيقة هي أن المدرسين مستعدون للتضحية بمهن أكثر ربحا للذهاب إلى التعليم الذي يحفز أيضا رجال الأعمال المحليين للقيام بدورهم عن طريق الدعم المالي للمدارس.
وفي معظم الحالات يتبرع رجال الأعمال المحليون لبناء مدرسة و غالبا ما يتم توفير التبرعات العينية من الداعمين خاصة في أعمال البناء و الأثاث، فعلى سبيل المثال كانت أول مدارس كولن في بورصا مدرسة ثانوية بنيت في أوائل الثمانينات، ورأت مجموعة من رجال الأعمال الذين قابلتهم أنه توجد حاجة ملحة لبناء مدرسة طالما كانت المدارس الحكومية غير كافية، و كان من الصعب للغاية بالنسبة إلى العشرين الأوائل منهم الذين أرادوا معا بناء و دعم مدرسة بما أن معظهم يحصلون على مشاريعهم بعيدا عن الأرض، و تبرع أحدهم بشراء الحديد للبناء و آخر بالأسمنت، ثم ذهبوا إلى أصدقائهم في صناعات أخرى لتوفير أي مواد لمشروع بناء المدرسة، و بتلك الطريقة استطاعوا بناء المدرسة بثلث أو نصف التكاليف المطلوبة. و بلغت قيمة تلك المدرسة 14 مليون دولار، و جمعوا لتلك المدرسة التبرعات النقدية بنجاح. و شارك الرجال حاليا في بناء مدرسة جديدة في ضواحي بورصا، و تبرع أحدهم بأرض المدرسة و آخر بتمويل واحد من ثلاثة مباني ورجل أعمال ثالث لم يكن حاضرا المقابلة تبرع لبناء المبني الثاني.
عندما تم تأسيس أول بيت من بيوت الطلبة و الدورات التحضيرية و مدارس كولن تأسست مؤسسات غير حكومية لكي تجمع و توزع التبرعات على العديد من مشروعات مستوحاة من فكر كولن، و عادة لا يعلم المتبرعون على وجه الدقة المشروعات أو الطلاب الذين يمولونهم، فالمال يعطى للمؤسسة و هي بدورها توزعه على المشروعات المحتاجة، و مع ذلك فخلال العقد السابق تم التخلي عن آلية تأسيس مؤسسة لصالح إنشاء شركات لإدارة عمليات جمع التبرع التي تدعم مختلف مشاريع كولن، و السبب وراء التخلي عن المؤسسة و إنشاء الشركات يتعلق بحقيقة أن المؤسسات منظمات أكثر صرامة من الشركات و حقيقة أن الانقلابات العسكرية في تركيا في الماضي انشأت وكالات حكومية جديدة تقوم بتفكيك المؤسسات و اغتصاب مواردها المالية، و خلال الحقب السياسية غير المستقرة تكون الشركات أكثر أمنا من المؤسسات، فعلي الرغم من أن المؤسسات لها إعفاءات ضريبية و لكن قادة رجال الأعمال في الحركة مقتنعون بأن عامل الأمان يفوق عامل الإعفاءات الضريبية، و يمكن للشركات جني الأرباح و تستخدم تلك الأرباح بصورة روتينية لدعم المزيد من المدارس و في الحقيقة فإن الشركات التي تعمل مع مدارس كولن ناجحة جدا من الناحية المالية، و تعلن الشركات الساعية للربح و غير المرتبطة بحركة كولن استخدام النموذج للبدء بإنشاء مدارس خاصة و لم تحقق تلك المدارس النجاح لأن مدارس كولن تعتمد على المدرسين المتفانين و ليس على الرسوم الدراسية في نجاحها.
وأحيانا يتبرع رجل أعمال ثري كالذي قابلته في “قيصري” بما يكفي من المال لبناء بيت طلبة أو مدرسة بمفرده، و لكن القليل من الناس يستطيع ذلك، فلذلك فغالبية المشروعات بنيت بجهد جماعي من جانب أتباع كولن العديدين الذين يتبرعون.
وقدر رجال الأعمال في بورصا أنه يوجد بها حوالي 1000 شخص يحضرون اجتماعات الدوائر المحلية، و عادة ما يشاركون في المشروعات المحلية، و هؤلاء هو المشاركون مركزيا في الحركة. و متوسط المساهمات السنوية للمشاريع بين 10% إلى 30% لهؤلاء الموجودين في الحركة لفترة طويلة، و النمط الأساسي هو تخصيص ثلث الدخل السنوي للعمل و الثلث الثاني لتلبية احتياجات الأسرة و الثلث الأخير للمشاريع المستوحاة من فكر كولن، و يعد هذا المبلغ كبيرا نظرا لأن هناك العديد من رجال الأعمال الأثرياء بورصا المشاركين في الحركة، فعلى سبيل المثال كان أحد رجال الأعمال المشاركين في مجموعة التركيز هو المالك و الرئيس التنفيذي لشركة صناعة نسيج كبرى بينما يملك آخر شركة بناء عالمية.
وتختلف التقديرات عن عدد مدارس كولن في تركيا و الأماكن اختلافا كبيرا، و يقدر ” باشكان” أنه توجد 2000 مدرسة في 51 دولة في خمس قارات، و يؤكد ” بالجي” على أن الحركة لديها 29 مدرسة في كازاخستان و 12 مدرسة في أذربيجان و 13 في تركماستان و 12 في قيزغيرستان، و الدولة الوحيدة الموجودة في آسيا الوسط التركية المعادية لمدارس الحركة في أوزبكستان، و يوجد مدارس في كل الدول الإسلامية ما عدا إيران و المملكة العربية السعودية و ليبيا، و كان هناك 6 مدارس في أفغانستان أغلقتها حركة طالبان، و فتحت الآن، و هناك أربع مدارس في شمال العراق بها طلاب أكراد و مسلمون محليون.
ومن المستحيل إعطاء أرقام دقيقة عن مدارس كولن في كل من تركيا و جميع أنحاء العالم لعدة أسباب منها : الأول : أنه لا توجد وكالة مركزية أو هيكل تنظيمي يتحكم في المدارس، و هي مملوكة و تمول و تدار محليا حتى في داخل تركيا ناهيك عن المستوى العالمي، و لا توجد وكالة تنسيقية أو إدارة تتابع سير الأمور في المدارس. الثاني : من الصعب تعريف مدارس كولن بسبب وجود عدة طرق لتنظيم تلك المدارس و ارتباطها بالنظم المدرسية المحلية.
وفي بعض البلاد خارج تركيا تحصل مدارس كولن على دعم حكومي خاصة في البداية فيما يتعلق بالأرض أو المباني، حيث تتبرع بها الحكومة كطريقة لتشجيع تأسيس تلك المدارس في البلاد ،و يعلق عدد من رجال الأعمال قائلين بأنه غالبا ما تتكون المباني من هياكل متداعية و تحتاج إلى تجديد جوهري، فعلي سبيل المثال في أذربيجان أعطت الحكومة مبنى ليستخدم كمدرسة، و احتاج 500.000 دولار تجديدات لتجديده فقدمها الشعب التركي، و بعد 3 سنوات من البدء أصبحت المدرسة تدعم نفسها، و عندما تم افتتاح أول المدارس في الدول التركية للاتحاد السوفيتي السابق طلب كولن من السيد أوزال رئيس تركيا في ذلك الوقت أن يكتب خطابات للحكومات في تلك البلاد يطلب منهم الإذن لفتح مدارس هناك، و لبى أوزال ذلك الطلب، و بهذا توفر الدعم للتوسع في مدارس كولن خارج تركيا.
وفي خلال العقدين الماضيين و سع العديد من رجال الأعمال الذين ألهمهم كولن أعمالهم عالميا، خاصة في دول البلقان و دول الاتحاد السوفيتي السابق، و أصبحوا مشاركين ماليا في تلك البلاد، ورأوا الحاجة لفرص تعليمية أفضل للشباب، و غالبا ما كان هؤلاء هم رجال الأعمال الذين بدأوا الخطط لبناء مدارس كولن هناك و تبرعوا بمصادرهم كدعم مالي و التمسوا المساعدة المالية من الأصدقاء و الشركاء في تركيا. و في أثناء المقابلات اكتشفت وجود خمسة من رجال الأعمال قاموا من تلقاء أنفسهم بتمويل و بناء و افتتاح مدارس كولن في تلك البلاد بما في ذلك ألبانيا و البوسنة و تركماستان و أفغانستان و باكستان.
وتكثر مدارس كولن في دول الكتلة الاشتراكية السابقة، خاصة في الاتحاد السوفيتي السابق مثل المقاطعات العثمانية السابقة و دول البلقان و دول آسيا الوسطى من بين أوائل الدول التي لديها مدارس كولن خارج تركا، و توجد في أوروبا الغربية خاصة في المجتمعات التركية في فرنسا و ألمانيا وهولندا، و حديثا افتتحت مدارس كولن في كل من دول جنوب آسيا و إفريقيا.
والمدارس خارج تركيا لها أجندات ثقافية و سياسية أوسع، و في أوربا و الولايات تجذب المدارس المهاجرين الأتراك الذين يريدون تربية أولادهم ” بطريقة تركية” و في الدول المتخلفة أو النامية في إفريقيا و ؟آسيا يتقدم الطلاب لجودة التعليم و التكنولوجيا و المعايير التعليمية العالية و التركيز المالي من المدارس في آسيا الوسطى بجذب مجموعة واسعة النطاق من الشعب التركي بما فيهم من المهاجرين و المقيمين الأتراك لتكون بمثابة مركز ثقافي و تجاري لإجراء اتصالات بين رجال الأعمال و المدارس و الساسة المحليين.
وهناك نتيجة واحدة لمدارس كولن في المناطق التي ينشط فيها تجنيد الشباب في الجماعات الإرهابية، وهو توفير بديل للشباب، و لقد أجريت دراسة مؤخرا في جنوب شرق تركيا – حيث وجود نشاط كبير لحزب العمال الكردستاني- لتوفير معلومات هن مدارس كولن العديدة في المنطقة التي تخدم كبديل للشباب الذين اقتربوا من الانضمام لحزب العمال الكردستاني.

جمعية ” كمسي يوك مو” ( هل هناك من أحد) للتضامن و المساعدة
والاستثناء الوحيد للنمط اللامركزي من بدء تشغيل المشاريع المستوحاة من كولن هو ” هل هناك من أحد)، و هي منظمة إغاثة تطورت إلى منظمة خيرية غير ربحية بعد زلزال 1999 في قلب منطقة مرمرة في تركيا، فالوكالة المستوحاة من فكر كولن تملك هيكلا هرميا و آليات تنظيمية لجمع التبرعات.
وبعد ثلاث سنوات من كونه برنامجا يعرض على محطة ” المجرة” التيلفزيونية يركز على احتياجات شعب ” مرمرة” ، و جمعت المحطة الأموال للإغاثة، و قد تأسست في عام 2003 مؤسسة ‘ هل هناك من أحد” للتضامن و المساعدة، و خلال عدة سنوات توسعت للوصول إلى أشخاص آخرين في كل من تركيا و دول العالم المحتاجين للمساعدة، و تجمع الوكالة المساهمات النقدية و العينية كليهما، و بعد الزلزال في باكستان في عام 2005 أرسلت إلى المنطقة 12 مليون دولار مساعدات، و بالمثل ذهبت التبرعات إلى أندونيسيا بعد كارثة تسونامي، و في عام 2004 للبيرو بعد الزلزال، و لأثيوبيا و كينيا في عام 2007 للتخفيف من حدة الفقر بعد الحروب القبيلية هناك، و حاليا ألزمت وكالة الإغاثة نفسها بإعادة بناء بلدة بأكملها في دارفور في السودان خلال ثلاث سنوات مع بتكلفة 50 مليون دولار.
وتجمع وكالة الإغاثة حوالي 16 مليون دولار سنويا بعضها من خلال آليات إبداعية لجمع التبرعات، و في عام 2007 وصلت التبرعات المباشرة لحساب الوكالة المصرفي إلى 6, 6 مليون دولار، و تم التبرع بحوالي 558000 دولار على الإنترنيت باستخدام بطاقة الائتمان و من الأكشاف الموجودة في صناديق التبرعات ف الشوارع المزدحمة، و بعضها وضع في مخازن الشركات الصغيرة 165000 دولار، و التقنية الأكثر إبداعا هي إرسال رسائل نصية لرقم معلن عنه من أكثر ثلاث شركات هواتف خلوي، و تضيف مبلغ التبرع إلى فاتورة العميل الشهرية، و أدت تلك التقنية إلى رفع التبرعات بقيمة مليون دولار في 2007، و للوكالة أيضا صناديق تبرعات في مواقع مختلفة في جميع أنحاء إسطنبول و مدن تركية أخرى.
وتعد ” هل هناك من أحد” وكالة غير حكومية، ووضعها المعترف به من قبل الحكومة هو أنها ” جمعية للمصلحة العامة”، و في عام 2006 كان لدي الوكالة مقر مكون من مبنى بخمسة طوابق في إسطنبول و يديرها رئيس و مدير عام للجمعية التنفيذية و يجمع المقر المركزي التبرعات النقدية و العينية و يوزعها.
ومن بين مشاريع الوكالة الإغاثية : مشروع العائلة الشقيقة، و المساعدات العينية، و المساعدات التعليمية، و المساعدات الخارجية، و في مشروع العائلة الشقيقة تربط الوكالة أسرة ثرية أو متوسطة بأسرة فقيرة، فتساعد الأسرة الأفضل حالا الأخرى في احتياجات المعيشة و التعليم و فرص العمل، و قد ربطت الوكالة بين 1500 عائلة في جميع أنحاء تركيا، و لها خطط لمدة خمس سنوات للوصول إلى 100.000 عائلة.
ومن خلال بنك الطعام تقوم الوكالة بجمع الطعام، و الملابس و مواد النظافة، و الوقود من الأفراد و من مصنعي تلك المنتجات و منتجيها، و تقوم بإعادة توزيعها على المحتاجين، و في عام 2007 وزعت الوكالة تلك البضائع على أكثر من 6 مليون شخص في 11 دولة مختلفة، و بالإضافة إلى تلك العناصر الغذائية تجمع الوكالة لحوم الأضاحي خلال عيد الأضحي و تقوم بتوزيعها على المحتاجين، و في 2007 جمعت 12500 أضحية ووزعت لحومها على 45000 شخص في 35 بالإضافة إلى 30000 شخص في تركيا.
وتوزع الوكالة أيضا المعدات التعليمية و المنح الدراسية على الطلاب المحتاجين في تركيا و أي مكن آخر، ووفرت الوكالة خدمات تعليمية لأكثر من 20000 طالب بمساعدة متطوعيها و استطاعت أيضا بناء 11 مدرسة في باكستان و 3 مدارس في إندونيسيا و مدرسة في بنجلادش و مدرسة في تركيا، و بعد بناء المدارس و تسلمها الوكالة للحكومات المحلية.
وتنظم الوكالة أيضا كشفا مجانيا و أدوية للمقيمين في المناطق الريفية، و حديثا نظمت الوكالة مجموعات محلية من الداعمين لمساعدة هؤلاء في مناطق جنوب شرق تركيا الذين يعانون من صراح حزب العمال الكردستاني، و فحصت مجموعة من الأطباء المحليين 8000 مريض من المدن و القرى، بينما قام مجموعة من العمال بتوزيع الطعام و الملابس التي جمعت في إسطنبول و بورصا و مدن تركية أخرى، و استفاد من تلك الخدمات أكثر من 50000 شخص معظمهم في تركيا و أيضا في بعض الدول الأخرى الإفريقية و باكستان و بنجلاديش.
الأنماط داخل مؤسسات كولن
وهناك أنماط واضحة خلال المؤسسات المختلفة المستوحاة من فكر كولن المذكورة أعلاه في أصولها، و هيكلها التنظيمي، و تمويلها ، و خاصة الروح و الثقافة التي تتغلفهم، و لتلك الأسباب فإن تلك المؤسسات تسمى مستوحاة من فكر كولن.
1-الإلهام الأصيل
وفي كل الحالات و بدون استثاء ينمو من خلال أفكار كولن و تعاليمه الإلهام و التحفيز لتأسيس المؤسسات، و النتيجة المباشرة لإصراره الدائم على أن التعليم هو الحل للفقر و الصراعات الداخلية في تركيا و حول العالم، فقد عكس رغبته الدائمة لتعليم الشباب في معظم خطبه و كتاباته في بدايته باعتبارها إحدى أحلام كولن المبكرة، فكان مقتنعا بأن تعليم الشباب هو الحل لنقص الحداثة و تقدير العالم لتركيا وهو الترياق للإرهاب و الصراع في البلد و في أنحاء العالم.
وتأسست المنظمات المرتبطة بالإعلام ( صحفية زمان) و تليفزيون المجرة، و مؤسسو الصحفيين و الكتاب) على نموذج من الموضوعية و التوازن و المسؤولية الاجتماعية التي دعا لها كولن خاصة في التسعينات، و أصر على أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام و الوئام بين مختلف المجموعات هو السماح بحرية التعبير عن الرأي و خلق حوار بين الجماعات التي تهدف إلى الفهم و الاحترام المتبادل، و كان لكل المنظمات الإعلامية التي تطورت من أفكار كولن تلك الأهداف كأجندة واضحة.
وتم تأسيس المستشفيات حيث روج كولن لاحترام جميع الناس بما فيهم المرضى ورعاية الاحتياجات الأساسية للبشر و التي رأى كولن من بينها الرعاية الطبية و الإنسانية الكافية. و يكرس كل مستشفى مستوحى من فكر كولن لجلب أفضل الرعاية الطبية ليس فقط لأولئك الذين يستطيعون الدفع مقابلها بل أيضا للمرضي الذين يحتاجون إلى مساعدة مالية للحصول على عناية طبية جيدة.
ويعد بنك آسيا أقل ارتباطا بتنفيذ أفكار كولن، على الرغم من أنه وافق في منتصف التسعينات مع بعض رجال الأعمال الأتراك على أنه قد حان الوقت لتوفير بنك بدون فوائد للمسلمين الرافضين لوضع أموالهم في حسابات مدرة للفائدة التي تقدمها البنوك الحكومية و الخاصة في تركيا، و بينما لا توجد روابط رسمية بين كولن و بنك آسيا إلا أن بعض حاملي الأسهم الأوائل في البنك أتباع كولن.
تتبع القيادة في الوكالة الاغاثية هل هناك من أحد اهتمام كولن بالمحتاجين أينما وجدوا ، و في الحقيقة فإنها المؤسسة الوحيدة التي تنظم دورات و برامج لموظفيها تركز على أفكار كولن كمصدر للإلهام.
في حين إن تعاليم كولن هي الإلهام لكل مشروعات كولن، و حقيقة أنه في البداية كان مشاركا في بعضها مثل بيوت الطلبة و الدورات التحضيرية الأولى بالإضافة إلى حضوره افتتاح بنك آسيا، فإنه ظل يشارك في الحياة اليومية لعدد قليل منهم، و الاستثناء الوحيد هو أنه كتب عمودا أسبوعيا في صحفية زمان و نشرت العديد من كتبه مؤسسة الصحفيين و الكتاب، فلا توجد علاقات مستمرة مع بنك آسيا أو تليفزيون المجرة أو جامعة الفاتح أو المستشفيات أو المدارس أم منظمة الإغاثة، و هناك نمط لرجال الأعمال، الا وهو السفر إلى الولايات المتحدة حيث يعيش كولن حاليا للتشاور معه للتخطيط لمشروع أو عندما تظهر قضية محددة يريدون فيها النصيحة، فعلى سبيل المثال تم استشارته في خطط بنك آسيا من قبل المسؤولين في جامعة الفاتح عندما سارعوا للتقديم في منحة تنموية من الحكومة تتكفل بها الحكومة السعودية لتمويل توسيع الجامعة، و نصحهم بالاعتماد فقط على المصادر التركية و بخلاف تلك المناسبة الدورية و المحددة لا يشارك كولن في العمليات اليومية للمؤسسات المستوحاة من أفكاره.
2-نشر الأفكار
هناك ثقافة تنظيمية في كل مؤسسات كولن التي زرتها و قد نشأت هذه الثقافة نتيجة للأفكار العليا المستوحاة من كولن و نشرها، و تلك المثل العليا قوية. و تحدد المنظمات بخصائص مشتركة و تتضمن الاتي تعليم الشباب في المجتمع على الجمع بين الروحانية و التدريب الفكري و توفير التعليم الحديث في كل مناحي الحياة و التأكيد على القومية التركية، و تقدير الماضي التركي، و المشاركة في الحوار بين الثقافات و التسامح مع الأفكار و الآراء المختلفة و حب و احترام البشرية جمعاء و المنظور المالي و حسن الجوار و إعطاء الخدمة و مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان.
وسواء في المؤسسات التعليمية أو لمستشفيات ووكالة الإغاثة أو وسائل الإعلام فإن الصفات المذكورة أعلاه كانت واضحة في الطرق التي تم بها هيكلة المنظمات و أهدافها و الموظفين الذين يعملون بها، و كيف تم تحقيق ذلك؟ و الحقيقة أن المجموعة الأساسية في كل المنظمات تتكون من المشاركين في حركة كولن و معظمهم جزء من الدوائر المحلية داخل مهنهم و أحياءهم بمعنى أن هؤلاء الناس دائما ما يدرسون و يناقشون تعاليم و كتابات كولن بالإضافة إلى السنة النبوية، فيشترك كادر الموظفين في مجموعة من القيم و الأفكار بالإضافة إلى كون الفرد عضوا في الحركة، فلا يتطلب العمل في المدارس و بيوت الطلبة و المستشفيات و الوكالة الإغاثية ذلك ، و يعطي اهتماما كبيرا لتوظيف الموظفين الذين يتشاركون نفس القيم و الأهداف مثل المجموعة الأساسية من أعضاء الحركة، و من خلال هذه الآليات من خلق البيئة الاجتماعية و التوظيف يتم خلق ثقافة تتسم بها كل مؤسسة مستوحاة من كولن.
3 – الالتزام الوظيفي
بالإضافة إلى مشاركة نفس الثقافة من القيم و الأفكار، فإن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح مؤسسات كولن هو التزام و تفاني الموظفين الذين يديرونها، و علق كل من قابلتهم سواء أكانوا أطباء أو إداريين للمستشفيات أو مديري مدارس أو مدرسين أو نائب رئيس جامعة الفاتح أو الموظفين في وكالة الإغاثة قائلا : ” إنهم لا يعملون من أجل المال فقط و لكنهم يؤمنون بما يفعلون”، و كنتيجة لذلك تمتد ساعات العمل إلى ما بعد الثماني ساعات الطبيعية لليوم، فالموظفون تحملوا المسئولية و الرعاية للمرضى و الطلاب وهم أبعد عن المطالب الوظيفية العادية و لديهم الحد الأدنى من الشكاوي و عدم الرضا الوظيفي، و في المؤسسات قال الأشخاص الذين قابلتهم إنهم سعداء جدا لكونهم في تلك المؤسسات و ذلك لشعورهم بأنهم جزء من أنشطة تستحق الجهد، و يشعرون بالامتنان لأنهم يخدمون الإنسانية. و بالإضافة إلى تلك الدوافع المثالية هناك أيضا حالة أن تكون جزء من مدرسة أو مشروع مستوحي من كولن، فهو يوفر دعما اجتماعيا قويا و مجتمعا هادفا، فعلى سبيل المثال يضمن المدرسون أنهم و عائلاتهم سيحصلون على الاهتمام من حيث التأمين الوظيفي و السكني و الطبي، و توفر كل تلك المكافآت الدافع للموظفين الملتزمين بوظائفهم و تعفيهم من الكثير من مخاوف العاملين الآخرين.
4-الدعم المالي
باستثناء بنك آسيا الذي كان مشروعا تجاريا منذ البداية، فإن المشروعات المتبقية المستوحاة من كولن يمولها منذ البداية مجموعات من الداعمين المحليين الذين أرادوا تحقيق أفكار كولن بإنشاء مؤسسات مع تنظيم ثقافي يعبر عن تلك الأفكار، و السمة المميزة في الحركة هي اللامركزية و التنظيم المحلي، و في كل حالة درستها فإن البداية و التخطيط و تمويل كل من المدارس و بيوت الطلبة و الدورات التحضيرية و المستشفيات و المنظمات الإعلامية قام بها مجموعة من داعمي كولن، تتضمن عادة رجال أعمال محليين قرروا معا أن هناك حاجة في مجتمعهم لمؤسسة معينة، و تبرعوا نقديا و عينيا و طلبوا المساعدة من العائلة و الأصدقاء و المعارف، و في معظم الحالات أنشؤوا مؤسسة أو شركة لجمع و إدارة المشروعات في منطقتهم المحلية.
وكما قدمت مدارس كولن في دول الحدود التركي – خاصة في دول الاتحاد السوفيتي السابق – نمطا متبعا : أن يبدأ رجل أعمال أو عدة رجال أعمال من الأتراك الذين لهم عمليات في الدولة المذكورة تمويل مدرسة محلية و غالبا بدعم مالي من الشركات المعروفة له شخصيا، و في حالات كثيرة فإن دائرة أو عدة دوائر من دوائر كولن المحلية و مؤيديه يبنون مدرسة في بلد آخر و يقدمون الدعم المالي لها، و في حالات أخرى يوافق رجل أعمال تركي على بناء و صيانة مدرسة في الخارج، و لقد سمعت أمثلة عديدة من داعمي كولن في تركيا الذين زاروا مدارسهم الشقيقة للإعراب عن فرحتهم بالمدرسة.
والنمط المعتاد في كل المؤسسات المستوحاة من كولن هو الاعتماد على دعم المتبرعين للمباني و العمليات الأساسية للمؤسسة، و في كل الحالات تصبح تلك المشاريع داعمة لنفسها خلال سنوات قليلة، إذ تستطيع معظم المدارس التي زرتها توفير دعم لنفسها من خلال الرسوم الدراسية خلال 2-3 سنوات، و توفر كل المدارس منحا دراسية لبعض الطلاب المحتاجين ماليا، وهو لا يستطيعون دفع الرسوم الدراسية التي تتراوح بين 5000 إلى 9000 دولار سنويا، و في معظم الحالات يستمر الداعمون المحليون في توفير بعض تلك المنح الدراسية، و على جانب آخر تصبح المدارس مؤسسات تمول ذاتيا، و لا تحتاج للدعم المالي بعد أعوام قليلة، و النمط المعتاد كما رأيت في بورصا حيث تقوم المجموعة الأساسية من الداعمين بالبحث عن مشروع جديد طالما أن المدرسة الأساسية لا تتطلب دعمهم المالي، و في بورصا هناك 6 مدارس مستوحاة من فكر كولن، و سوف تفتتح السابعة قريبا، و جميعهم مولهم داعمون محليون في حركة كولن، و كذلك مستشفى سما في إسطنبول و بهار في بورصا تمويلهم ذاتي بالرغم من اعتمادهم على داعمين لتمويلهم في بداية تشغيلهم.
5- المؤسسات ذات الجودة
ومن الخصائص الأساسية لمؤسسات كولن الجودة المعترف بها بغض النظر عن القطاع الذي تعمل فيه، و تدرس المدارس المستوحاة من كولن في كل من تركيا و العديد من الدول الأخرى التي تعمل فيها أنها مدارس من الدرجة الأولى، و الحقيقة أن نسبة غالبة جدا من الطلاب يجتازون امتحان القبول في الكليات و الجامعات داخل تركيا و خارجها، و ذلك العدد الهائل من الطلاب في مدارس كولن هو الذين يفوزون بجوائز عليا في تركيا، فضلا عن الاوليمبياد الأكاديمي الوطني، و هو شهادة للتفوق في التعليم موجودة في تلك المدارس، و تتمتع المستشفيات المرتبطة بالحركة في تركيا بسمعتها كأفضل المستشفيات الخاصة، و ذلك لأن رواتب الأطباء تنافسية مع المستشفيات الأخرى، و لأن العناية الخاصة بالمريض تتميز بها تلك المؤسسات الطبية و فيها أفضل الأطباء في تركيا، و تتوفر في مستشفى سما و بحر أحدث المعدات مثل أجهزة الرنين المغناطيسي الرقمية في مختبراتها، و القدرة على إجراء عمليات قلب مفتوح بأحدث المعدات، و يستثمر الداعمون المحليون في تقديم الدعم المالي الذي يستطيع المستشفى من خلاله شراء أحدث المعدات و أكثرها تطورا في السوق الطبية.
ويعد بنك آسيا الآن أكبر بنك مساهمين في تركيا من خلال حصوله على أحدث رخصة لبنك المساهمة من الحكومة، و في غضون 12 سنة حصل على ثلث السوق لمثل تلك البنوك في تركيا مع حجم ودائع حالي يبلغ 5 مليارات دولار، و بالمثل فإن صحفية زمان لديها الآن أكبر مستوى تداول من أي صحفية في تركيا، و مؤسسة الصحفيين و الكتاب بالرغم من عمرها الذي لا يتجاوز 14 عام إلا أنها قادرة على الجمع بين القيادات الدينية و السياسية من أجل الحوار بين الأديان و الثقافات من مناطق صراع عديدة في تركيا و حول العالم، فعلى سبيل المثال في عام 2006 ثم جلب مجموعة من المجموعات الدينية الرئيسية في تركيا ( مسلمين، مسيحيي أرثوذوكس و يهود) في جوتنبرح في السويد لمناقشة القضايا التي قد توحد و تقسم المجتمعات على حد سواء، و في نفس العام رعت المؤسسة الحوار بين قادة تركيا و فرنسا لمناقشة التعددية الثقافية في أوروبا، و عقدت عدد من اللقاءات لمناقشة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، منها واحد في مصر ركز على الإسلام و الغرب و التحديث، و ثم الاعتراف بالمؤسسة من قبل العديد من الحكومات و المنظمات غير الحكومية بما في ذلك حكومة تركماستان و الاتحاد الروسي و معهد هارتفورد في الولايات المتحدة لكونها الأكثر فاعلية لخلق حوار بين الجماعات طويلة الصراع مع بعضها البعض.
لذلك، و بغض النظر عن القطاع التي تعمل فيه، تشترك المؤسسات المستوحاة من فكر كولن في الخصائص المذكورة أعلاه، و التي تميزها المحاولات للوصول لأعلى مرتبة و الجودة، و يحدث جزء كبير من ذلك بسبب التزام المتطوعين و الداعمين الذين يعطون من أوقاتهم و قدراتهم و مواردهم المالية اللازمة لتحقيق ذلك النوع من المشاريع الخدمية التي دعا لها بقوة كولن لخلق مجتمع أفضل أينما كانوا.

مقدمة الكتاب