الملخص:

ناقشت الباحثة “نوسة السيد محمود السعيد” المدرس بكلية الدارسات الإسلامية والعربية بالمنصورة جامعة الأزهر في رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها إلى قسم العقيدة والفلسفة بالكلية، أهم الآراء الكلامية والفلسفية للأستاذ فتح الله كولن، حيث أبرزت فيها رؤيته التجديدية المعاصرة لعلم الكلام والفلسفة، وطريقة عرضه لمسائل العقيدة وشرحها شرحا سهلاً واضحًا يخاطب العقل والقلب على السواء.

كما أوضحت أن فكره الفلسفي جاء شاملاً واقعيًّا يلم بمسائل الواقع، ويسهم في حلها برؤى جديدة، ويرجع ذلك -في رأي الباحثة- إلى إنزال الأستاذ كولن الفلسفة من التأمل العقلي إلى حياة الإنسان.

كما ذكرت أنه بحث في المعرفة ومعوقاتها، وفي الأخلاق وسبل تقويمها، وفي التصوف وكيفية تحقيقه في معاملاتنا، إلى جانب قضايا العصر ومستجداته. وفي ختام بحثها أوصت المخلصين من هذه الأمة أن يعملوا على ترجمة دعوات كولن إلى واقع معيش للمساهمة في نهضة الأمة وريادتها وانبعاثها من جديد.

المقال:

لما طالعت فكر الأستاذ كولن لأول مرة عن طريق مجلة “حراء” هالني -منه- هذا الأمل والتفاؤل الواسع في نهضة الأمة وانبعاثها من جديد، وجذبتني تلك اللغة الوجدانية التي يخاطب بها الجمهور؛ فهو يعمل على إثارة القلوب وإحيائها جنبا إلى جنب مع إنارة العقول وإقناعها.

أعجبتني تلك الرحمة والتسامح ومحبة الخير للجميع كأنه يريد أن يحتضن البشرية ويسوقها إلى الخير والجنان بكل ما يملك.

فلما بحثت في فكره الكلامي رأيته يبسط مسائل العقيدة بسطًا سهلاً واضحًا يخاطب القلب والعقل على السواء، ويريد إحياء الإيمان من جديد في القلوب بلغة وأسلوب ومنهج جديد مناسب للعصر.

وعندما طالعت فكره الفلسفي وجدته شاملاً واقعيًّا يحيط بقضايا العصر ويسهم في حلها برؤى جديدة، فقد أنزل الفلسفة من التأمل العقلي إلى حياة الإنسان فبحث في المعرفة ومعوقاتها، وفي الأخلاق وسبل تقويمها، وفي التصوف وكيفية تحقيقه في معاملاتنا، إلى جانب قضايا العصر ومستجداته.

وكل ذلك أكد لي أن الأستاذ صاحب رؤية تجديدية معاصرة لعلم الكلام والفلسفة تستحق الدراسة والبحث في جنباتها وتقديمها للجمهور المسلم.

من هنا وقع اختياري على فكر فتح الله كولن ليكون موضوعًا لرسالتي واقتصرت على مجال اهتمامي فكان البحث بعنوان (فتح الله كولن وآراؤه الكلامية والفلسفية)

ودار البحث في عدة محاور:

المحور الأول: التعريف بفتح الله كولن.

المحور الثاني: آراء فتح الله كولن الكلامية.

المحور الثالث: آراء فتح الله كولن الفلسفية.

دائمًا ما يشفع كولن رؤيته في المسائل العقدية بشرحها بطريقة علمية منطقية قريبة من مستوى إدراك الإنسان، فقد استخدم العلوم في إثبات وجود الله عز وجل وصفاته وفي إعجاز القرآن الكريم وغير ذلك.

المحور الأول: التعريف بفتح الله كولن

أ- نشأته وحياته:

محمد فتح الله بن رامز أفندي بن شامل بن الملا أحمد بن خورشيد بن خليل الأناضولي موطنًا، وكولن هو لقب عائلته ومعناه بالعربية، (البسّام) ويلقبه أنصاره بلقب ثان هو (خوجه أفندي) بمعنى (السيد الأستاذ أو حضرة الأستاذ)، ويشتهر باسم ثنائي هو فتح الله كولن(1).

ولد فتح الله كولن في 27 أبريل 1941م وفقًا لبطاقته الشخصية، لكن تاريخ ميلاده الحقيقي قبيل هذا بنحو عامين أو ثلاثة كما يذكر هو(2) في قرية (كوروجك) التابعة لمدينة (حسن قلعة) في محافظة (أرضروم)(3). قضى طفولته في مجالسة العلماء والمشايخ الذين كان يستضيفهم والده(4).

وبدأ من الرابعة في تعلم القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في قريته عامين أو ثلاثة، ثم استكمل الابتدائية في (أرضروم) بالانتساب.

حفظ القرآن عام 1951م، ثم أخذ التجويد عن الحاج (صدقي أفندي) في (حسن قلعة)، ثم بدأ في قراءة الكتب، وأخذ عن والده اللغة العربية والفارسية، وظهرت موهبته في الخطابة فألقى أول مواعظه وهو في سن الرابعة عشرة.

أتم (فتح الله) دراسته في (ألوار)، ثم استقر في (أرضروم) وراح يدرس بمسجد (قرشنلو)، ثم انتقل إلى مدرسة (كمخان)، وبعد ستة أشهر التحق بمدرسة (طاش مسجد) ثم غادرها. درس على الأستاذ (سعدي أفندي) ثم ذهب إلى الأستاذ (عثمان بكتاش)، فدرس عليه قرابة عامين في النحو والصرف، والفقه وأصوله، وغيرها من علوم الشريعة.

وفي أثناء رحلته في طلب العلم كانت علاقته بمدرسته وطيدة غير أنه لم يغفل الزوايا بتاتًا، فكان مع الشيخ (ألوارلي أفه)، فلما توفي لحق بزاوية الشيخ (القادري)، واستمر طيلة حياته على آداب الطريقة الصوفية وتربيتها(5).

عرف (رسائل النور) لبديع الزمان النورسي وهو طالب بأرضروم عن طريق تلامذة (النورسي) أو طلاب النور كما يسمون، وكانت لها أثر بالغ في حياته، وكان النورسي من أبرز من أثروا في حياته، فلا تخلو موعظة أو مقال من استشهاد برسائل النور وبصاحبها وحياته.

بعد رحلة فتح الله كولن في طلب العلم بدأ يبحث عن وظيفة فعمل في الوعظ في عدد من المساجد، ثم عمل لبعض الوقت إمامًا ملقنا الشهادة للمحكوم عليهم بالإعدام في أدرنة 1959، ثم معلمًّا في مركز لتعليم القرآن الكريم، ثم إمامًا لمسجد (دار الحديث)، وأنشأ به أول مدرسة لتعليم الطلبة(6)، ثم مديرًا لسكن طلاب ثانوية الأئمة والخطباء (كستانه بزاري) في (أزمير)، ومع اهتمامه بالطلاب وإقامة المخيمات الصيفية(7) لهم لم ينقطع عن الوعظ، وسُجِّلت دروسه ووزعت في تركيا.

أصدر مع (صالح أوزجان) جريدة اسمها (الاتحاد)، ثم اختير مشرفًا على بعثة الحج عام 1968. بدأ يتجه إلى المحاضرات العامة 1975 فألقى محاضرة في إحدى الجامعات عن (جلال الدين الرومي)، ثم محاضرة عن التقنيات والعلوم الطبيعية في ضوء القرآن، ثم بدأ في الحديث إلى رواد المقاهي للدعوة وتربية الشباب.

أرسلته وزارة الأوقاف 1977 مبعوثا خارج تركيا فحاضر في (برلين) و(فرانكفورت) و(هامبورغ) و(ميونخ)، وكان يكتب المقال الرئيس في مجلة (سيزنتي) التي انطلقت عام 1979، والمقال الرئيس لمجلة (الأمل الجديد) 1988م.

ألقى دروسًا عن الرسول  في جامع (والدة سلطان) من 1989 إلى 1990 وجمعت في كتاب (النور الخالد محمد مفخرة الإنسانية)(8).

أنشأ (وقف الصحفيين والكتاب) يونيه 1994 للحوار مع كافة أفراد المجتمع، ومع العالم أجمع لتحقيق الوحدة والسلام(9).

بدأ يُعرف ويشتهر في وسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ لنشاطه التعليمي في إنشاء المدارس، ومؤسسات الإغاثة حول العالم، وأجريت معه كثيرٌ من الحوارات، وقابل عددًا من ممثلي الأديان، وبدأ في إقامة مؤسسات للحوار في الخارج(10).

اعتقل عدة مرات إبان الانقلابات المتوالية في تركيا نتيجة لنشاطه الدعوي رغم بعده عن السياسة(11).

ثم سافر إلى أمريكا 1999، وأقام بها؛ بعيدًا عن التضييق وطلبًا للعلاج(12) واستمر في نشاطه الدعوي والتعليمي والإغاثي وحوار الحضارات من مقر إقامته في ولاية بنسلفانيا حتى الآن.

في التفسير العلمي للقرآن، أكد كولن على كون القرآن الأصل والعلم تابعًا وخادمًا له، فلا ينبغي في زهوة الانبهار بالعلم أن نلوي عنق الآيات أو نؤولها حتى تتفق مع النظريات العلمية، فهذا تشويه وغض من قيمة القرآن.

بـ- ثقافته وعلمه:

بعد رحلة الدرس على الأساتذة والمشايخ أخذ في القراءة الحرة، وكانت مصدرًا رئيسًا من مصادر بنائه المعرفي، فقد كان شغوفًا منذ صغره بالقراءة وتحصيل المعرفة من مصادر متنوعة(13).

اهتم كولن بالعلوم الإسلامية، حيث كانت المصدر الأول لثقافته، فقرأ وألف في تفسير القرآن الكريم، والحديث الشريف، واهتم بالعقيدة كثيرًا فقرأ لعلماء الكلام ولا سيما الماتريدية وهضم آراءهم جميعها وصاغها بأسلوب عصري، وقيَّمها، واختار منها ونقد بعضها.

وله إلمام كبير بالعلوم الحديثة ومعطياتها، وقد كان يوظفها في خدمة العقيدة، وإقناع غير المسلمين، والرد على الشبهات المثارة ضد الإسلام.

وله معرفة واسعة بالفلسفات القديمة والحديثة، يتعرض لنقد الباطل منها، والاستفادة بالنافع الصالح.

أما التصوف فله في حياته وفكره الكثير -بل هو كل حياته وفكره- فكان التصوف قرينه وصاحبه، يمزجه بكل ما يكتب غير مزجه له في حياته ومعاملاته.

درس اللغة العربية بفروعها(14)، وأتقنها، وله كتاب في تعليم اللغة العربية من خمسة أجزاء بعنوان “تعليم اللغة العربية بطريقة حديثة”، وله اهتمام كبير بالأدب والشعر بل له ديوان شعر(15)، ومقتطفات شعرية وضعها في كتاب تحت اسم (ألوان وظلال) إلى جانب حفظه لتراثٍ كبيرٍ من الشعر، وخاصة الصوفي لكبار الشعراء الأتراك، وغيرهم.

يقول أحد من كتب عن حياته: إنه مثقف نهم يقرأ يوميًّا ما بين150 إلى 200 صفحة؛ بدأ من طفولته بقراءة السيرة النبوية، ومناقب الصحابة، وعكف على الكتب العلمية والفكرية والفلسفية. قرأ لرواد الثقافة الغربية أمثال: (فولتير) و(روسو)، و(كانط)، وقرأ لرواد الثقافة الشرقية أمثال: (مولانا جلال الدين الرومي) و(الملا جامي)، وقرأ للأدباء أمثال: (تولستوي)، وفي حواراته وكتاباته يشير إلى منطق (روسيل)، والنظرية الجدلية من (باسكال) حتى (هيجل)، وقرأ في الأدب التركي لعظماء الكتاب والشعراء أمثال: (نجيب فاضل)، و(محمد عاكف).

اختير فتح الله كولن في مناسبات عديدة كأكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم، وحاز عدة جوائز.

جاء في المرتبة الأولى ضمن قائمة (أهم مائة مثقف في العالم)، وذلك لتجاوز تأثيره حدود بلاده، وذيوع صيته الثقافي في مختلف أنحاء العالم بحسب استطلاع أجرته عام 2008 مجلة السياسة الخارجية Forgien Policy بالتعاون مع مجلة Pros-Pect البريطانية.

يتبين مما سبق أن فتح الله كولن موسوعي في تكوينه الثقافي حيث جمع بين علوم الدين وعلوم العصر المختلفة.

يقول كولن: “الفلسفة الحقيقية هي معاناة فكرية وروحية نتيجة للتشويق الإلهي للإنسان لطلب الحكمة، ومن هنا يرى أن: “كل فلسفة لا تستند إلى الفيوضات الإلهية تعد فكرًا زائفًا”.

جـ- مؤلفاته:

أثمرت رحلة كولن العلمية وثقافته -وما زالت تثمر- عديدًا من المؤلفات والبحوث والمقالات، إضافة إلى آلاف الخطب، والمواعظ، والدروس المسجلة على أشرطة، ويقوم تلاميذه بتفريغها وتحريرها، ويقوم هو بمراجعتها قبل التصريح بطباعتها، ومعظمها لا يزال باللغة التركية(16)، إلى جانب الأحاديث الصحفية واللقاءات التلفزيونية، والتي تتناول رؤاه حول عدة قضايا.

وتنشط حركة الترجمة لمؤلفاته ودروسه وكذلك لقاءاته الصحفية والتلفزيونية وتترجم إلى عدة لغات منها العربية عن طريق دور النشر مثل: دار النيل (تسمى الآن دار الانبعاث)، والتي فرعها الرئيسي بالقاهرة، وعن طريق مجلة حراء التي تصدر بالعربية للتواصل مع العالم العربي. ويمكن تصنيف مؤلفاته على النحو التالي:

1- المقالات:

كتبَ فتح الله كولن العديد من المقالات فله أكثر من 485 مقالة منشورة في ثلاث مجلات تصدر بالتركية هي مجلة: (سيزنتي) وفيها 360 مقالة، ومجلة (ياغمور) وفيها 44 مقالة، ومجلة (يني أُميد) وفيها 81 مقالة، وما زال إلى الآن يَكتب وتُنشر له مقالات.

2- الأشعار:

له ديوان شعر من مجلدين بالتركية بعنوان (المضرب المكسور)، لم يترجم للعربية بعد، ومقتطفات شعرية وضعها في كتاب تحت اسم (ألوان وظلال) ترجمه للعربية ونشرته دار النيل بالقاهرة.

3- الدروس:

دأب كولن منذ وقت مبكر من حياته على الاجتماع مع تلاميذه في حلقات تربوية يتدارسون بعض الكتب، أو يلقي عليهم بعض الدروس والمواعظ في شتى المجالات، وهذه الدروس مستمرة إلى الآن فهناك درس أسبوعي يلقيه على تلاميذه في مقر إقامته بالولايات المتحدة، ويترجم إلى عدة لغات منها العربية، وينشر على موقع herkul على شبكة الإنترنت.

كولن ليس صوفيًّا كما يؤكد هو بنفسه والدارسين لحركته من الداخل والخارج، ولكن يمكن أن يقال عنه إنه صوفي بالمعنى، لتلبسه بمعاني التصوف المختلفة، واهتمامه بحياة القلب وتزكية النفس.

4- الكتب:

له عدد كبير من المؤلفات بلغت أكثر من 70 كتابًا بعضها مترجم إلى العربية، وبعضها مترجم إلى عدة لغات أخرى، أما ما ترجم إلى العربية فمنها:

– النور الخالد محمد ﷺمفخرة الإنسانية.

– أضواء قرآنية في سماء الوجدان.

– خواطر من وحي سورة الفاتحة.

– الموازين أو أضواء على الطريق.

– ونحن نبني حضارتنا.

– ونحن نقيم صرح الروح.

– التلال الزمردية نحو حياة القلب والروح (الجزء الأول).

– أسئلة العصر المحيرة: وهي عدة أجزاء ترجم منها:

أسئلة العصر المحيرة- الرد على شبهات العصر (الجزء الأول)، نحو عقيدة صحيحة (الجزء الثاني)، الاستقامة في العمل والدعوة (الجزء الثالث).

– حقيقة الخلق ونظرية التطور.

– القدر في ضوء الكتاب والسنة.

– نفخة البعث شواهد الحياة بعد الموت.

– روح الجهاد وحقيقته في الإسلام.

5- مؤلفات وأبحاث كتبت عنه من ذلك:

– رواية: عودة الفرسان: فريد الأنصاري.

– مؤتمر دولي: مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية: جامعة الدول العربية 19- 21 أكتوبر 2009.

– السلام والتسامح في فكر كولن مجموعة أبحاث لعدد من المؤلفين الأجانب. إشراف أ.د. زكي ساري توبراك.

أرى أن يتبنى علم الكلام الجديد التأكيد على خطورة التكفير وأنه ليس من أمر العامة -ولا طلبة العلم- إطلاق الأحكام، وإنما يسعنا ما وسع سلفنا من الاعتذار والتأويل للمخالف وسلامة الصدر للجميع.

المحور الثاني: آراء فتح الله كولن الكلامية

اعتبر كولن علم الكلام أحد المصادر الأساسية للثقافة الذاتية للمسلمين، ورأى أنه مصدر رحب ومعطاء في ميراث ثقافتنا(17). ولذا كانت العقيدة من أهم القضايا التي تعرض لها كولن في أغلب خطبه، ومحاضراته، و كتبه؛ نظرًا لما لها من أهمية ومركزية في الفكر الإسلامي: “فلا مجال للحركية دون عنصر العقيدة التي تقوم بمهمة توجيه الفعل والحركية”(18).

يقول كولن في تعريفه لعلم الكلام: “مجموع المعارف التي يستهدف بها الدفاع عن منظومة المعتقدات الإسلامية بالأدلة العقلية والنقلية والحفاظ على استقامة فكر المؤمنين، ورد الشبهات والشكوك التي تثار أو يحتمل إثارتها ضد الدين، وحراسة العقائد الإسلامية الحقة في إطار السُّنة السَنِية إزاء بعض التيارات الفلسفية الخاطئة”(19)، وفي تعريف آخر يقول:  “مجموع الدساتير والقوانين الحاوية على نظريات علمية ومعرفية والتي تربط بين أصول الدين وبين الكتاب والسنة وآراء السلف الصالح في ضوئهما”(20).

لم يخرج كولن عما قرره السابقون من بيان الماهية والغاية لهذا الفن، ولكنه توسع في استخدام سائر المعارف في الدفاع عن العقائد -كما سنرى لاحقا من استخدامه العلوم الحديثة وغيرها في خدمة قضايا العقيدة- وفي التأكيد على الحفاظ على الأصول (الكتاب والسنة).

وفي تعريفه لأصول الدين يقول: “أصولُ الدين هي المبادئ والمعايير والقواعد الأساسية في الدين، ومن أركانها: الأسسُ التي تحدد إطار وماهية الاعتقاد، والمناهجُ المطروحة من أجل معرفة الحق تعالى، والقضايا المتعلقة بالحشر والنشر، والحقائقُ الخاصة بالعلاقة بين الله والكون والإنسان”(21).

وهو هنا يؤكد على العلاقة بين الله والكون والإنسان -وهي محور فكر كولن ومركز الدائرة في كتاباته- وهو ما ينادي به علم الكلام الجديد الذي يريد مع الإيمان بالله ومعرفته وتوحيده، دراسة الإنسان وحقوقه، والواقع وقضاياه المتجددة.

وهو ما سبق أن نادى به (أبو ريدة) وهو يؤسس أو يقدم مقترحًا لعلم الكلام الجديد فيقول: “والذي يهمنا هنا أن يكون الإنسان أهم موضوع يتناوله علم الكلام الجديد بعد موضوع الإيمان بالله؛ لأن الدين إنما جاء للإنسان لبيان رسالته في الأرض وتأكيد كرامته ومكانه في هذا العالم”(22).

استطاع كولن أن يقرب للأذهان فكرة وجودية الموت بصورة بسيطة دون تعقيدات أو تأويلات، وجعله دليلا على وجود الله تعالى ومقدمة للوصول إليه.

أما عن منهج كولن في تجديد علم الكلام فأستطيع القول إن فتح الله كولن أحد رواد علم الكلام الجديد في عصرنا الحاضر، حيث كانت له نظرات تجديدية يمكن إجمالها على النحو التالي:

1- التجديد في الخطاب

أ- الخطاب في مستوى إدراك العموم

فكلامه في قضايا العقيدة واضح يفهمه العامة قبل المتخصصين، يقول الدكتور محمد جكيب: “الأستاذ فتح الله مسلم سني ماتريدي العقيدة لكنه عندما يتكلم في العقيدة الأشعرية تحسبه أشعريًّا، فالأستاذ وإن كان ماتريدي العقيدة فإنه يعمل على بناء رؤية عقدية تنسجم مع روح المشروع الإصلاحي الذي يتبناه، وهو المشروع الذي يتطلب أن تكون قضية العقيدة فيه أمرًا يسهل استيعاب العموم له”(23).

بـ- التحرر من المذهبية

رغم تصريح بعض الباحثين بكون الأستاذ ماتريدي العقيدة فإنه لم يصرح بتبني أحد المذاهب؛ فقد ابتعد في كتاباته عن التعصب لمذهب من المذاهب الإسلامية وانفتح على كل المذاهب والآراء فتعددت مصادره في بحث العقيدة، فهو لا يتقيد بمصدر واحد أو مذهب محدد، بل يستقى من الجميع كأن شعاره (الحكمة ضالة المؤمن)، مع اجتهاد في بعض القضايا بما لا يخل بأصول الدين وثوابته.

ولذا فإن: “منهج الأستاذ فتح الله في باب العقيدة منهج متجدد يستفيد من مصادر كثيرة من بينها الأستاذ (بديع الزمان النورسي) الذي كان موضوع التوحيد والعقيدة من أهم ما ركز عليه في رسائله”(24).

“فإذا كان (النورسي) هو متكلم العصر الحديث -كما يذكر ذلك الدكتور محسن عبد الحميد- فإن فتح الله قد استفاد كثيرًا من أفكار (النورسي) لكنه طبعها بشخصيته وصبَّها في قالب خاص يمزج بين المقاربة العقلية، والحقيقة العلمية، وضوابط الإقناع والحوار، مستفيدًا في ذلك من الخطاب القرآني ومنهجه في ذلك، ومسترشدا بالمنهج النبوي في إضاءة هذا الخطاب”(25).

2- التجديد في المنهج

استخدم كولن عدة مناهج وأساليب تتسم بالتنوع والجدة في عرض قضايا العقيدة لتناسب العصر، وركّز على القلب لأنه إذا آمن المسلم واختلطت العقيدة بروحه أحدثتْ التأثير الحقيقي في حياته، وكذا على العقل والمنطق لأن العصر عصر العلم والإيمان بالمادة مع انتشار الإلحاد والإنكار حتى لثوابت الدين فكان لزامًا عرض العقيدة بالمنطق والحجة العقلية مع استخدام سائر العلوم والأدوات الحديثة في تدعيمها، على النحو التالي:

أ– البعد عن الجدل المذموم والتركيز على الموضوعات العملية ذات الجدوى

يرى كولن عدم جدوى الجدل المذموم والاشتغال بما لا فائدة فيه؛ فتجده يميز بين المسائل العقدية التي تربط الإنسان بالخالق وفائدتها في تقوية هذا الإنسان، وبين ما لا فائدة عملية ترجى من خلاله؛ ولذلك عندما تُطرح عليه أسئلة متعلقة بذات الله تعالى أو بأمور غيبية يعتبرها نوعا من سوء الأدب مع الله تعالى.

بـ- استخدام الحقائق العلمية

دائمًا ما يشفع كولن رؤيته في المسائل العقدية بشرحها بطريقة علمية منطقية قريبة من مستوى إدراك الإنسان(26)، فقد استخدم العلوم في إثبات وجود الله تعالى وصفاته، وفي إعجاز القرآن الكريم، وغير ذلك من مسائل العقيدة.

كل ما يهتم به كولن من وراء بحث الإيمان والإسلام هو التأكيد على الناحية العملية من خلالهما، وهي العمل أو التدين وفقهما وليس العلم النظري أو الإيمان الشكلي.

وحث كل العلماء الباحثين في الأمور الدينية على استخدام العلم وسيلة وأداة لشرح الدين؛ لأن عقل الإنسانية الآن مرتبط به، وخاصة أنه لا عداء عندنا بين العلم والدين. وقد وضع كولن ضابطين لتفسير الإسلام بالعلوم وهما:

الأول: استعمال هذا الأسلوب وسيلة فقط والابتعاد عن محاولة استعماله لإظهار علمنا والتفاخر به؛ لأن الحقائق الإيمانية تفقد أنوارها حينئذ ولن تؤثر على المستمعين؛ لأن النيات ليست خالصة(27) على حد تعبير كولن.

الثاني: عدم التهالك على العلوم لتقوية العقيدة.فينبغي عدم الارتياب في مبادئنا، فالعلم والتقنية خادمان لطريقنا، أما اعتبارهما أصلاً ثابتًا ومبادئنا شيئًا تابعًا يحتاج إلى تصديق العلم، فأمر غير مقبول: “إن كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ حق لا ريب فيه والعلوم صحيحة بقدرِ تلاؤمها معهما وغير صحيحة بدرجة انحرافها عنهما، وحتى القسم الصحيح من العلوم لا يعد قواعد أو مستندًا تستند إليه الحقائق الإيمانية، فهي تلعب دورًا في زيادة التأمل والتفكر في المسائل الإيمانية، أما الذي يضع نور الإيمان في قلوبنا فهو الله ”(28).

لذا يجب النظر إلى العلوم وجميع الأدلة العلمية وعدّها تابعة واعتبارها وسيلة لإزالة الغبار فقط عن الحقائق الإيمانية، فالإنسان مؤمن بما استقر في قلبه، وليس بالمعلومات المتراكمة في عقله(29).

جـ- استخدام العقل والمنطق

دأب كولن في درس العقيدة على الإقناع بالمنطق، والعقل، ودعم المتلقي بكل ما يقرب الأفكار من خلال: ذكر أمثلة عقلية لا يختلف حولها العقلاء، ومنهج المقارنة الضمنية التي تحتاج العقل، والدليل الملموس، وعدم معارضة المنطق العلمي وقواعده(30).

ولعل من مكملات هذا التوجه العقلي أو من مبرراته هو كون كولن حنفيًّا ماتريديًّا وكلاهما يستخدم الجانب العقلي والفكري في توجهه، يقول أحد الباحثين في فكر كولن: “انتماء الأستاذ إلى المذهب الحنفي يجعله أكثر قربا إلى استعمال الفكر والعقل في باب الاجتهاد؛ وذلك؛ لأن المذهب الحنفي وخاصة في باب الفقه أكثر المذاهب الأربعة توظيفًا للعقل والفكر، وإذا كان المذهب الحنفي أكثر المذاهب الأربعة توظيفًا للعقل، فإن المذهب الماتريدي في العقيدة يتموقع في موقع وسط بين المذهب الأشعري والمذهب الاعتزالي، وتكمن دلالة ذلك في كون الأستاذ فتح الله ميّالا إلى الرؤى الفكرية التي تستطيع توحيد مختلف التصورات الفكرية في مجال العقيدة”(31).

د- ربط العقيدة بالسلوك

وذلك أبرز ما نجده في تجربة فتح الله كولن فقد “ربط الأستاذ فتح الله كولن علم الكلام وقضاياه بالسلوك الذي يتوجب أن ينعكس في كل عمل وفي كل مشروع”(32). ولذلك نجده لا يبحث إلا في القضايا التي ينبني عليها عمل، ولا يبحث في القضايا الجدلية المذمومة.

هـ- ربط العقيدة بالتربية الروحية

في دراسة كولن لقضايا العقيدة نجده يركز على بناء الإنسان روحيًّا؛ ولذلك تجد قضايا العقيدة ممتزجة بالتصوف كثيرا: “لقد قدم فتح الله كولن علم التوحيد والعقيدة الإسلامية وفق نمط منسجم مع المشروع المركزي وهو بناء الإنسان روحيًّا ووفق نمط يجعل من هذا الإنسان مخلوقًا فاعلاً في الكون والوجود، ووفق نمط تتجلى فيه حقيقة “الإنسان العبد لله” المكلف بمهمة إعمار الأرض، ونشر الفضيلة”(33).

منهج الأستاذ فتح الله في باب العقيدة منهج متجدد يستفيد من مصادر كثيرة من بينها الأستاذ (بديع الزمان النورسي) الذي كان موضوع التوحيد والعقيدة من أهم ما ركز عليه في رسائله.

3- التجديد في الموضوعات

ليس المقصود أن كولن استحدث موضوعات خارجة عن مقصد هذا العلم، ولكنه توسع فأضاف -بما لا يخل بمقصده وغاياته- الحديث عن الإنسان والكون وصار محور بحثه تدعيم العلاقة بين الله والكون والإنسان.

فقد بنى كولن نظرية كاملة أساسها بحث العلاقة بين الله والكون والإنسان، وهذه العلاقة تشكل مركز الدائرة لفكر كولن في كل القضايا التي بحثها كالتالي:

– فهو يلفت النظر دومًا إلى قراءة كتاب الكون وتدبره والبحث فيه، ويؤكد على العلاقة الوثيقة بين الكتاب المقروء(القرآن) والكتاب المنظور(الكون)إذ لا فرق بينهما، فالمنظور تفسير للمقروء، ولا انفصام بين الأوامر الشرعية والأوامر التكوينية فكلاهما من خلق الله عز وجل.

– ويركز ثانيا على العلاقة بين الكون والإنسان، فكلاهما -أيضا مأموران-، فالكون مسخر ليد الإنسان للبحث والتعمير، وتلبية حاجاته كونه خليفة الله عز وجل.

– وتأتي العلاقة بين الله والكون والإنسان -التي تنتشر في طول وعرض إنتاجه ومؤلفاته- كمركز الدائرة لفكره أو مفتاح لمنهجه، فهو يذكّر دومًا بمكانة الإنسان في الأرض بين مخلوقات الله، ومكانته عند الله، فالله هو الخالق والكون والإنسان مخلوقان له، ولكن الإنسان مكرم ومؤهل لنيابته وخلافته في الكون بما له من تكريم وأعماق روحية وسمات وجودية كالعقل، والفكر، والروح، والدين، والأخلاق؛ ومن ثم جعله مركز الكون، ودعاه إلى البحث والتنقيب والاستكشاف في دروبه، وهي دعوة إلى العلم -كل العلم- الطبيعي وغيره؛ ولذا فإن كولن قد وازن بين العلم الحديث ودوره للخليفة وبين عدم تعارضه مع الوحي، فهو ينكر المادية، ويدعو إلى التواؤم بين العلم المسطور و الوحي المعصوم.

وهو يبغي من نظرته الكونية تلك أن يجعل الكون وعلومه طريقًا إلى الله، إذ إنه مع تقديره لكثير من الأدلة يؤثر استخدام آثار الكون دليلاً على الله حيث يرى الكون تجليًّا لأسماء الله الحسنى، ويرى أن وظيفة الكون هي توجيه قرائه إلى كاتبه وصفاته تبارك تعالى، فهو يدل على صانعه وعلى حكمته وعلمه.

إضافة إلى ذلك فقد ركز في كثير من الموضوعات على بيان العلل والثمار المترتبة عليها، مما يبعث على تقوية الإيمان وزيادة الإقناع، كما فعل في حديثه عن القدر وثماره في حياة المسلمين، وعن الحكمة من الفقر والمصائب والآلام التي تصيب المسلم(34).

دأب كولن في درس العقيدة على الإقناع بالمنطق والعقل ودعم المتلقي بكل ما يقرب الأفكار من أمثلة عقلية لا يُختلف حولها  ومنهج المقارنة الضمنية التي تحتاج العقل والدليل الملموس وعدم معارضة المنطق .

أما عن الموضوعات التي ناقشها كولن:

أولا: الإلهيات

1- اهتم كولن كثيرًا بالطبيعة، وبدليل الأنفس والآفاق، واستخدمهما في الوصول إلى معرفة الله عز وجل، والاستدلال على وجوده.

2- تفرد بذكر عدة أدلة على وجود الله جلا وعلا استقاها كلها من آثاره تعالى في الكون، وهي طريقة لم تكن عند المتكلمين القدامى إلا قليلاً، بينما هي عند المحدثين المجددين راسخة.

3- اهتم بالرد على الملحدين بالطرق العقلية المختلفة، التي تبين مدى اطلاعه على الفلسفات المادية، وقدرته على تقييمها ودفعها.

4- كان حديثه عن صفات الله تعالى وأسمائه مجملاً في عمومه، مقتصرًا فيهما على إثباتهما لله عز وجل وفعاليتهما في الكون وفي حياة الإنسان.

5- أكد في مبحث القدر على الجانب العملي التربوي من وراء الإيمان بالقدر خيره وشره، وقد وافق الماتريدية في القدر وفي الكسب تحديدًا، ووافق سائر أهل السنة في أفعال الله تعالى، والتحسين والتقبيح، وعدم وجوب شيء على الله.

6- كل ما يهتم به من وراء بحث الإيمان والإسلام هو التأكيد على الناحية العملية من خلالهما، وهي العمل أو التدين وفقهما وليس العلم النظري أو الإيمان الشكلي.

7- رأى استحالة رؤية الله تعالى في الدنيا ووقوعها في الآخرة، ودلل على ذلك بأدلة عقلية، وخرج بنتيجة عملية من وراء مبحث الرؤية وهي وجوب الاجتهاد في الطاعات للمتشوقين لرؤية ربهم في الآخرة.

اعتبر كولن علم الكلام أحد المصادر الأساسية للثقافة الذاتية للمسلمين، ورأى أنه مصدر رحب ومعطاء في ميراث ثقافتنا، لذا كانت العقيدة من أهم القضايا التي تعرض لها في أغلب خطبه، ومحاضراته، و كتبه.

ثانيًا: النبوات

اتفق كولن مع جمهور المسلمين في إمكان البعثة وغايتها وشروط النبوة ووجوب عصمة جميع الأنبياء، وركز حديثه على شخصية النبي ﷺ وعصمته، ودفع الشبهات عنه وعن رسالته بالحجج العقلية والمنطقية وعرض كل ما يتصل بها من خلفية تاريخية ومن آراء غربية واستشراقية مما يدل على ثقافته الموسوعية، وهذا ما يحتاجه المسلم المعاصر الذي يعيش في وسط غبار الإلحاد والتيارات المنحرفة، وما نحتاجه للرد على جناح من الغرب ينشر كتّابه الأباطيل حول النبي ﷺ فلا بد من إيجاد من يتصدى لها، ويجلي مرآة الحقيقة.

تكلم كذلك عن بعثة النبي ﷺ ودلائل نبوته مقتصرًا على القرآن الكريم من بين سائر الأدلة حيث هو المعجزة الخالدة الباقية، التي هي نور وحجة في أيدينا لإحياء الإسلام، ودعوة الآخرين إلى اعتناقه، وأبرز ما في القرآن من جمال وبلاغة ومعاني جليلة.

وقد أبرز قضية الإعجاز العلمي كداعم لبيان عظمة القرآن، لا أن يُتخذ العلم ونظرياته أساسًا، ونؤول القرآن وفقًا له، بل العلم خادم تابع للقرآن ويقينياته، فرغم تقديره للعلم الحديث إلا أنه وضع ضوابط لمن يخوض في التفسير العلمي للقرآن، وأكد على كون القرآن الأصل والعلم تابع وخادم له، فلا ينبغي في زهوة الانبهار بالعلم أن نلوي عنق الآيات أو نؤولها حتى تتفق مع النظريات العلمية، فهذا تشويه وغض من قيمة القرآن؛ وبذا يريد أن يغرس في نفس المسلم الثقة واليقين بدينه وأهم أركانه القرآن الكريم.

ثالثًا: السمعيات

اتفق كولن مع سائر الأمة في تقرير مسائل السمعيات من خلال النص عليها، ولكن الجديد أنه حاول أن يربط تلك الغيبيات بأمور مشاهدة، وكأنه يصور الغائب في صورة الشاهد حتى يصل المعنى للمسلم المعاصر، فقد حرص على استخراج معانٍ جديدة، وأدلة وحكم عقلية ووجدانية تلامس عقل المسلم ووجدانه معا، فعلى سبيل المثال:

1- استطاع كولن أن يقرب للأذهان فكرة وجودية الموت بصورة بسيطة دون تعقيدات أو تأويلات، وجعله دليلا على وجود الله تعالى ومقدمة للوصول إليه.

2- أعطى صورة غير ما في الأذهان عن الفزع والرعب من الموت، فالموت سياحة، وتحول إلى الأكمل والأفضل، وهو وصول الى الأحباب والأصحاب وكذا فعل الأمر نفسه في الحديث عن القبر والساعة والبعث.

3- درس حقائق كل من الملائكة والجن والشياطين دراسة جديدة مؤكِّدًا على جانب الروح في خلقهم، ورابطًا إياها بالمسائل الحديثة من تحضير الأرواح والتلباثي (التخاطر)؛ لإثباتها وإقناع المسلم المعاصر بوجودهم، وماهيتهم الروحية، وما ينبغي عليه تجاههم.

4- يؤمن ببعض الظواهر النفسية كالتواصل عن بعد (التلباثي)، وتحضير الأرواح -غير ما يحدث الآن من دجل-، وهو أمر انقسمت فيه الآراء ما بين مؤيد ومعارض.

5- يؤكد على الجوانب العملية والتربوية من وراء مسائل العقيدة، كتأكيده على الوقاية من مكائد الشيطان، وعلى خطورة طريق الرؤى والاتصال بالجن.

6- لا ينسى أن ينبه على الحكم الشرعي وهو يدرس علم العقيدة، كتأكيده على أن الرؤى والاتصال بالجن ليست مصدرًا للأحكام الشرعية.

إذن: يعد فتح الله كولن من أبرز من استخدم منهجية علم الكلام الجديد في عرضه لموضوعات العقيدة بوضوح ومنطقية وروح علمية، تتناسب مع روح العصر، وعمق روحي وعملي يتناسب مع رؤاه في بناء الإنسان الكامل من جميع جوانبه العقدية، والعلمية، والروحية، والسلوكية.

وبناء على ذلك يمكن القول بأن جهود كولن تعد مساهمة في بناء علم الكلام الجديد.

الأستاذ كولن يبسط مسائل العقيدة بسطًا سهلاً واضحًا يخاطب القلب والعقل على السواء، ويريد إحياء الإيمان من جديد في القلوب بلغة وأسلوب ومنهج جديد مناسب للعصر.

المحور الثالث: آراء فتح الله كولن الفلسفية

يهتم كولن بالفلسفة وقضايا الفكر كثيرًا، فهو مطالع جيد للفلسفة الإسلامية وكتابات رموزها، وكذا متابع للفلسفة الغربية الحديثة وكتابات رموزها، ومذاهبها، يستند كثيرًا إلى بعض المقولات إما تأييدًا لفكرة ما يتحدث عنها، أو رفضًا لها وتفنيدًا لبطلانها، والفلسفة عند كولن هي معاناة الفكر والروح للوصول إلى الحكمة، ولا بد أن تستند إلى الفيوضات الإلهية، وإلا ضلت طريقها وهدفها.

يقول كولن: “الفلسفة الحقيقية هي معاناة فكرية وروحية نتيجة للتشويق الإلهي للإنسان لطلب الحكمة، ومن هنا يرى أن: “كل فلسفة لا تستند إلى الفيوضات الإلهية تعد فكرًا زائفًا”(35).

ويصطلح كولن على تسمية الفلسفة الإسلامية بالحكمة، وأظنه بهذه التسمية يروم إقامة فلسفة خاصة مرتبطة بديننا وتراثنا، فاستخدم المصطلح العربي حكمة، ولم يستخدم المصطلح اليوناني فلسفة بدليل نقده للفلاسفة الإسلاميين المقلدين لليونان، وكذا نقده للفلسفات والتيارات والمذاهب الغربية التي تخالف ديننا وتتعارض مع قيمنا وثقافتنا مثل الوجودية، والداروينية، والميكافيلية، وغيرها.

أما عن القضايا التي ناقشها كولن فمن أهمها:

أ- المعرفة

يعطي كولن أهمية كبيرة للمعرفة بأنواعها، ويحث دومًا على الاهتمام بالتعليم، والارتقاء بالمعلمين؛ لأنهم من يبنون الأمة كلها، بل كان من أساسيات منهج كولن الذي سلكه وارتأه سبيلاً لنهضة الأمة التعليم، ومقاومة الجهل، والتزود بالمعارف المختلفة، ومواكبة العصر وعالم المعلومات.

ومن خلال البحث في نظرية المعرفة عند كولن تتبين عدة حقائق:

1- المعرفة عند كولن ترتبط بنظرته إلى الوجود، فكلتاهما يستخدم فيها المنهج نفسه في الربط بين الله، والإنسان، والكون.

2- نظرة كولن إلى مصادر المعرفة متوازنة تجمع بين عناصرها الوحي والحس والعقل والبصيرة، وهي نظرة الإسلام قبل كل شيء.

3- دور الدين يكمن في معاونة الإنسان على فهم ما وراء الحقائق العلمية من حقائق معنوية وروحية تبعث في النفس الأمن واليقين.

4- ينبغي أن تظل حقائق الدين متعالية ومتسامية عن إخضاعها أو تأويلها للتوافق مع أي حقيقة علمية، فالدين أصل والعلم تابع وخادم للدين.

5- السبب الرئيس وراء اهتمام القرآن بعلم الطبيعة، والعلوم الأخرى، هو الرغبة في دعوة الإنسان لمعرفة الله خالقهتباك وتعالى.

6- عدم الفصل بين الدين والعلم التي يتبناها كولن هي دعوة ضد العلمانية الفكرية المنتشرة في العالم.

7- الدعوة إلى اهتمام المسلمين بالعلوم وربطها بالقرآن هي دعوة إلى أسلمة المعرفة، وهو ما دعا إليه كولن بالفعل، ولن يتقدم المسلمون إلا بتحقيق الذاتية، والوجود والكيان الخاص بهم، وليس الاستيراد للعلوم القائمة على المادة والفكر الغربي.

8- الدعوة إلى إبراز العلاقة بين الدين والعلم قد تكون نقطة انطلاق لحوار إسلامي مسيحي، وهو ما تبناه كولن.

اهتم كولن بالعقيدة كثيرًا فقرأ لعلماء الكلام ولا سيما الماتريدية وهضم آراءهم جميعها وصاغها بأسلوب عصري، وقيَّمها، واختار منها ونقد بعضها.

بـ- الأخلاق

الأخلاق من العناصر المهمة للغاية في فكر كولن إذ هي أصل من أصول الإسلام، وعليها يعوَّل في بناء الحضارة، وتقويم الإنسان، وإعادة الروح من جديد في هذه الأمة، وهي الفارق والمميّز الحضاري لأمتنا عن حضارة الغرب المادية.

وكان حديث كولن عن الأخلاق حديث الفيلسوف المسلم الذي يستقي كل فضيلة، وكل خلق من مصادر الإسلام (الكتاب والسنة) إلى جانب الميراث الصوفي الإسلامي.

تحدث كولن عن الفضائل والرذائل، والنفس وسبل تقويمها، وقواعد النظرية الخلقية، والممارسة السلوكية للأخلاق، والإنسان المثالي.

ومن خلال حديثه حول الأخلاق يتبين أن:

1- الخير عند كولن مطلق وثابت، وفي هذا ضمان لمبادئ ومعايير واحدة بين الأمم في كل زمان ومكان.

2- الفضائل مصدرها الشرع، فلا يمكن أن يقوم بنيانها على غير دين ترتبط به، وهو في هذا متوافق مع منهجه العقدي في جعل الشرع مقياس كل شيء، إضافة إلى أنه مذهب أهل السنة وخاصة الأشاعرة.

3- النفس في حاجة إلى تقويم وتهذيب وتعهد؛ حتى تسمو فوق الغرائز، وتتوجه إلى السعادة، وتزاول الخير.

4- السلوك أهم منتج نخلص إليه من الأخلاق سواء الفطرية أو المكتسبة، فهو الآلية المعبرة عن وجودها وتحققها.

5- الإنسان المثالي عند كولن هو الإنسان الفاضل المستمسك بالفضائل الخلقية.

6- التعليم هو الآلية المثلى في بناء الإنسان الفاضل وإعداده لخلافة الأرض وتعميرها، إذن فهناك جمع بين الفضائل الفكرية -كالعلم- جنبًا إلى جنب مع الفضائل الخلقية.

7- قواعد وأركان النظرية الخلقية عند كولن منبعها ومصدرها القرآن وتعاليمه.

الأستاذ كولن صاحب رؤية تجديدية معاصرة لعلم الكلام والفلسفة تستحق الدراسة والبحث في جنباتها وتقديمها للجمهور المسلم.

جـ- التصوف

يرى بعض الباحثين أن كولن هو “رومي تركيا الحديث” إشارة إلى تقارب فتح الله كولن الروحي من مولانا جلال الدين الرومي المدفون في “قونية” بتركيا، فكل منهما عاش حياة الزهد والروح، إلى جانب توافقهما في المنهج وهو الدعوة إلى السلام والمحبة بين الناس جميعًا، ومحاولة احتضان البشرية (36).

وقد ناقشتُ حقيقة كون فتح الله كولن صوفيًّا، ومفهوم التصوف ومنازله الروحية عنده، إضافة إلى موقفه من مظاهر التصوف ونظرياته وخرجت بعدة نتائج منها:

1- كولن ليس صوفيًّا كما يؤكد هو بنفسه والدارسين لحركته من الداخل والخارج، ولكن يمكن أن يقال عنه إنه صوفي بالمعنى، لتلبسه بمعاني التصوف المختلفة، واهتمامه بحياة القلب وتزكية النفس.

2- كولن بكتابه “التلال الزمردية” يعتبر باحثًا في التصوف -وليس مجددًا أو مجتهدًا- على غرار القدامى والمحدثين في تنسيقه وموضوعاته، ويختلف عنهم فقط في العرض واللغة السهلة المناسبة للعصر، أما التجديد الحقيقي فهو مزجه روح التصوف في سائر فكره حيث مزج بين العقل والقلب، وركَّز على الثمار المعنوية، وتمكن من التأثير في الوجدان، وهذا غاية ما يؤمل من طريق التصوف.

3- مفهوم التصوف عند كولن موافق لمعاني التصوف عند مؤرخي التصوف والصوفية، ولكنه على أية حال انتهى إلى تعريف خاص به يتلاءم مع لغة العصر.

4- المنازل الروحية عند كولن هي نفسها ما قرره القشيري في مقاماته وأحواله ولكن مع بسط بلغة تناسب العصر، فيحاول تبسيط المفاهيم الصوفية للجمهور، فمثلاً عندما يأتي بمعنى من المعاني الصوفية يعرفها في اللغة، وفي عرف السامعين قبل أن يعرفها عند أربابها من الصوفية، ويقوم بشرحها وإيراد معاني مختلفة لتوضيحها.

5- وإلى جانب تأثره بالقشيري فهو متأثر جدًّا بالرومي فقل أن تجد معنى يتحدث عنه إلا ويورد من كلام (الرومي) أو من المثنوي الفارسي ما يدعمه، هذا بخلاف تأثره الواضح ببديع الزمان النورسي.

6- يظهر حسه الفني والأدبي في جميع ما يكتب؛ حيث يظهر تأثره الشديد بفن الشعر، فيورد كثيرًا من أشعار القدامى والمحدثين يؤيد بها فكرته، فمن القدامى: (الشافعي)، و(البوصيري)، و(زهير بن أبي سلمى)، و(علي بن أبي طالب)، و(رابعة)، ومن المحدثين: (نجيب فاضل)، و(يونس أمره).

7- يهتم بالثمار العملية من وراء دراسة التصوف؛ لذا فإنه في كل معنى يذكر ثمرات الموضوع ونتائجه العملية، كما يهتم بالقلب كثيرًا وسبيل حياته؛ حتى يحدث توازن بين الروح والبدن.

8- يؤمن ببعض النظريات الصوفية كالإنسان الكامل والحقيقة المحمدية، وينتقد بعضها كوحدة الوجود، والحلول والاتحاد.

9- يلجأ إلى تأويل أقوال الصوفية المخالفة للشريعة مثل قول ابن عربي في وحدة الوجود، وأقوال غيره في الحلول، وموقف التأويل هذا وعدم رمي الصوفية بالكفر والخروج عن الشريعة موقف لبعض رجالات الإسلام عبر العصور مثل: الجنيد وابن تيمية.

10- تأكيده كل حين على عدم تكفير الصوفية بظاهر أقوالهم هو موقف أصيل في فكره تجاه جميع المخالفين، وهو ما نحتاجه في زماننا المعاصر الذي صار التكفير فيه كالماء والهواء على ألسنة المتخالفين، وللتنبيه على خطورة هذا الأمر أرى أن يتبنى علم الكلام الجديد التأكيد على خطورة التكفير وأنه ليس من أمر العامة -ولا طلبة العلم- إطلاق الأحكام، وإنما يسعنا ما وسع سلفنا من الاعتذار والتأويل للمخالف وسلامة الصدر للجميع.

إذن يعد كولن من رواد الفلسفة الإسلامية المعاصرة، تلك الفلسفة التي تهتم بالواقع والمشكلات المعاصرة ولا تنفصل عن الإنسان والحياة، وذلك واضح في جميع الموضوعات التي طَرَقَها إضافة إلى مساهمته الفعالة في إيجاد الحلول لبعضها؛ فقد اعتبر أن أعداء الحضارة هي الفقر والجهل والفرقة، فسعى بجهوده وجهود من اعتنق فكرته للقضاء على هذه المعوقات بإغاثة الفقراء والضعفاء وبناء المدارس ودور العلم المختلفة في كل بقاع الأرض، وإقامة المؤسسات لتحقيق الوحدة بين المسلمين أنفسهم والتقارب بينهم وبين غيرهم من أهل الديانات والحضارات الأخرى.

لما طالعت فكر الأستاذ كولن لأول مرة…أعجبتني تلك الرحمة والتسامح ومحبة الخير للجميع كأنه يريد أن يحتضن البشرية ويسوقها إلى الخير والجنان بكل ما يملك.

وبعد هذه الرحلة الماتعة الهادفة في فكر كولن نخرج بعدة نتائج:

1- يتميز كولن في عرضه لقضايا العقيدة بالوضوح والبساطة، إضافة إلى إلمامٍ بالقديم والحديث من هذا التراث، وصبغه بصورة عصرية تناسب العصر والجيل. وبذا يمكن أن يُعَدّ من رواد التجديد ولا سيما في علم الكلام، أو ما يسمى الآن علم الكلام الجديد، فقد جدد في اللغة فكانت سهلة واضحة علمية، لتناسب العصر ومنطقه وأَفهام أهله، وجدد في الأسلوب والعرض، فكان يجمع بين الروح والعقل “التأثير على الوجدان مع الإقناع العقلي)”، فأكثر من استخدام العلم ومنجزاته؛ لخدمة قضايا العقيدة، فساقها بصفائها معتمدًا على الكتاب والسنة كسند أول، وأكثر من ضرب الأمثلة العقلية والمنطقية، والشواهد من داخل تراثنا وخارجه، إضافة إلى أنه لم يتحزب لفريق أو مذهب، فقد وافق الجمهور كثيرًا، وأحيانا نزل على رأى الماتريدية، وفي أحيان أخرى نحى منحى الأشاعرة، ومع ذلك قد تجد له رؤية مستقلة واجتهادًا خاصًّا يميل إليه بعيدا عن المذهبين السالفين.

2- يقتصر كولن على ما له صلة، وأثر في العمل، وفي حياة الناس، ولا يبحث القضايا الجدلية المذمومة، أو التي لا ينبني عليها عمل، وهذا واضح في قضايا الإلهيات، والنبوات، والسمعيات التي ركز عليها.

3- من خلال مطالعة ما كتب في القضايا الفكرية أستطيع القول إنه موسوعي يلم بالتراث القديم، ويطالع الحديث في جميع المجالات العلمية والفكرية.

4- جمع بين الأصالة والمعاصرة فقد أسس منهجه على الذاتية أو (التراث) مع مواكبة العصر ومتطلباته وتقنياته؛ ومن أجل ذلك دعا إلى أن نجدد ذواتنا في كل شيء في الفكر، والعلوم، وغير ذلك حتى نلحق بركب الحضارة.

5- تبني الدعوة إلى إقامة فلسفة خاصة بالمسلمين بعيدا عن فلسفة اليونان والغرب وغيرهم، فلسفة تستمد طريقها ونظرتها من قيمنا وأصولنا، لا تقليدًا وترقيعًا من تراث غيرنا.

وختاما ينبغي على المخلصين من هذه الأمة ترجمة دعوات كولن إلى واقع معيش للمساهمة في نهضة الأمة وريادتها وانبعاثها من جديد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(1) ينظر: إبراهيم البيومي غانم: بحث معالم في سيرة خوجه أفندي محمد فتح الله (البسام) الأناضولي، مؤتمر مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي 2009 ص220، 252، دار النيل، ط: 1، 2011.

(2) يراجع: أرطغرل حكمة: فتح الله كولن قصة حياة ومسيرة فكر ص22.

(3) ينظر: إبراهيم غانم: بحث معالم في سيرة خوجه أفندي ص220.

(4) ينظر: السابق ص224.

(5) ينظر: أرطغرل حكمة: فتح الله كولن قصة حياة ومسيرة فكر ص33، 34.

(6) ينظر: السابق ص37، 54.

(7) ألف كولن قصيدة سماها أيام المخيمات، ومقالاً سماه زمن المخيمات ينظر : أرطغرل حكمة: فتح الله كولن قصة حياة ص73، 79، وفريد الأنصاري: ينظر عودة الفرسان ص259.

(8) ينظر: أرطغرل حكمة: فتح الله كولن قصة حياة ومسيرة فكر ص60، 100.

(9) ينظر: فريد الأنصاري: عودة الفرسان ص325.

(10) ينظر: فتح الله كولن قصة حياة ومسيرة فكر ص106، 110.

(11) أرطغرل حكمة: فتح الله كولن قصة حياة ص41، 50، 55 ،80 ،98. وينظر: فريد الأنصاري: رواية عودة الفرسان سيرة محمد فتح الله كولن ص153، دار النيل، ط: 3، 2012.

(12) ينظر: عودة الفرسان ص330.

(13) ينظر: إبراهيم غانم:  بحث في سيرة خوجه أفندي ص240.

(14) ينظر: علي أونال: فتح الله كولن ومقومات مشروعه الحضاري ص396، دار النيل- القاهرة، ط: 1، 2015.

(15) ينظر كولن: الموازين وكلامه عن أهمية كل فن من هذه الفنون ص112، 118، دار النيل، ط :7، 2012.

(16) إبراهيم غانم: مقال الخدمة في خدمة عالمية الإسلام ص19، 20 مجلة حراء عدد 42 سنة 2014.

(17) ينظر: ونحن نبني حضارتنا ص93، 94، دار النيل 2012.

(18) ينظر: محمد جكيب: أشواق النهضة والانبعاث قراءات في مشروع الأستاذ فتح الله كولن ص216، دار النيل 2013.

(19) ينظر: ونحن نبني حضارتنا ص93.

(20) السابق93.

(21) كولن: مقال محور أصول الدين من موقع herkul على شبكة الإنترنت بتاريخ 4/ 2016.

(22) محمد عبد الهادي أبو ريدة : الفلسفة الإسلامية وبعض قضايا العصر ج1 ص567 تحقيق وتقديم: د/ فيصل بدير عون، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2011.

(23) محمد جكيب: أشواق النهضة ص219.

(24) السابق.

(25) محمد جكيب: أشواق النهضة ص 219.

(26) ينظر: محمد جكيب: أشواق النهضة ص219، 222.

(27) فتح الله كولن: أسئلة العصر المحيرة ج 1 ص185.

(28) السابق ص186.

(29) السابق ص186، 187.

(30) ينظر: محمد جكيب: أشواق النهضة ص230.

(31) السابق: ص 220.

(32) السابق: ص 220.

(33) السابق: ص229.

(34) ينظر: كولن، القدر في ضوء الكتاب والسنة ص125 وينظر: الرد على شبهات العصر ص35.

(35) الموازين ص164.

(36) ينظر: مايمول حسن خان: فتح الله كولن الرؤية والتأثير تجربة فاعلة في المجتمع المدني ص30، دار النيل- القاهرة 2015.

About The Author

د. نوسة السيد محمود السعيد، مواليد المنصورة- مصر 1979، مدرس بجامعة الأزهر، ليسانس دراسات اسلامية وعربية، شعبة أصول الدين، قسم العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر فرع المنصورة 2002، بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف. ماجستير عام 2012، بتقدير ممتاز بعنوان: "التصوف في القرن الثاني الهجري مدارسه ورجاله". دكتوراه 2018 بتقدير رتبة الشرف الأولى، بعنوان: "فتح الله كولن وآراؤه الكلامية والفلسفية".

Related Posts