واشنطن – أكدت السلطات الأمريكية من خلال بيانيْن أن الوضع القانوني لملهم حركة الخدمة فتح الله كولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999 لم يطرأ عليه أي جديد.

في أعقاب مزاعم الاستعداد لتسليم المفكر الإسلامي التركي كولن إلى تركيا بحجة أنه “العقل المدبر” لمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، على حد زعم الحكومة التركية، أصدرت السلطات الأمريكية بيانين مختلفين نفى كل منهما صحة هذه المزاعم، وشدّد على عدم حدوث جديد في الوضع القانوني لإقامة كولن في الولايات المتحدة.

لم نعقد صفقة مع تركيا!

جاء البيان الأول من الخارجية الأمريكية أمس الجمعة، حيث نوه إلى أن “البيت الأبيض لم يجر أي مباحثات ولم يعقد أي صفقة مع تركيا لتسليم كولن”، مشيرًا إلى أن الوثائق والمستندات التي أرسلتها تركيا إليهم في هذا الصدد لا تزال تحت الدراسة والتقييم.

كما نقلت وكالة (رويترز) عن مسؤول في البيت الأبيض لم تذكر اسمه القول بأن خبر شبكة (أن بي سي) حول بحث واشنطن سبلا محتملة لتسليم فتح الله كولن بهدف إقناع أردوغان بتخفيف الضغط عن السعودية فيما يتعلق بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ليس له سند من الصحة، دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل.

فيما صدر البيان الثاني من وزارة العدل الأمريكية أمس الجمعة أيضًا وهو كذّب كذلك اعتزام الوزارة تسليم كولن للحكومة التركية، مقابل تساهل أنقرة في تحقيقات قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. إذ قالت الناطقة باسم وزارة العدل الأمريكية نيكول نافاس أوكسمان في بيان ردا على تقرير لشبكة “NBC” الإخبارية الأمريكية، إن الوزارة “لم تشارك وليست على علم بأي مناقشات تتعلق بتسليم كولن ومقتل خاشقجي”.

تركيا لا تملك أدلة ضد كولن

يشار إلى أن أردوغان يطالب منذ وقوع الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/ تموز 2016 الإدارة الأمريكية بتسليم كولن الذي ينفي أي صلة له في الانقلاب، إلا أن الأخيرة صرحت مرارا أنها تنتظر من الحكومة التركية الأدلة والوثائق التي تثبت الاتهامات الموجهة إلى كولن، مؤكدة أن ما قدمته في هذا الصدد حتى اليوم بعيد عن أن يكون أدلة قانونية.

وكان أردوغان مارس ضغوطًا شديدة على وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أثناء زيارته لتركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 لتسليم فتح الله كولن، لكنه أكد أنه ينظر إلى هذه القضية من زاوية الأدلة والبراهين التي تثبت الجرائم المسندة إلى كولن، لافتًا إلى أن الحكومة التركية لم تقدم حتى اللحظة أدلة موثوقة في هذا الصدد. وتابع: “لقد اتفقنا على مواصلة تحقيق وفحص الأدلة التي قد تقدمها الحكومة التركية لنا. ونحن نجري تحقيقاتنا المستقلة للتأكد من عدم قانونية أنشطة حركة الخدمة في الولايات المتحدة”.

وألمح وزير الخارجة الأمريكي في المؤتمر الصحفي الذي كان قد عقده مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو إلى عدم تلقيهم من حكومة حزب العدالة والتنمية حتى اليوم أي أدلة مقنعة تدل على صحة اتهاماته ضد فتح الله كولن، حيث أعلن قائلاً: “نحن منفتحون ومترقبون لتلقي معلومات وأدلة جديدة قد تقدمها الحكومة التركية لنا بهذا الشأن”.

الانقلاب الفاشل مؤامرة ضد الخدمة

جدير بالذكر أن أردوغان، على الرغم من أنه وصف محاولة الانقلاب بـ”الهدية الإلهية”؛ لأنها منحت لهم الفرصة لتطهير الدولة من أفراد “الكيان الموازي”، على حد تعبيره، إلا أنه خرج ليلة الانقلاب واتهم كولن بتدبير هذه المحاولة، قبل إجراء أي تحقيق مبدئي.

أما كولن فاستنكر محاولة الانقلاب في الليلة ذاتها ونفى اتهامات أردوغان جملةً وتفصيلاً، ودعاه والمجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق الخاصة بالانقلاب، معلنًا استعداده للعودة إلى تركيا والإعدام في حال إثبات هذه اللجنة ولو واحدا من اتهامات أردوغان.

غير أن أردوغان لم يستجب لهذه الدعوة حتى اليوم، بل توجه إلى إطلاق عملية تصفية شاملة في أجهزة الدولة، وبدأ يعتقل أو يفصل موظفين بتهمة الانتماء إلى ما سماه “منظمة فتح الله كولن…”، رغم أنهم يتبنون أفكارًا متباينة، بحيث تجاوز عدد المعتقلين 55 ألف شخص، بينهم 18 ألف سيدة ومعهن حوالي 743 طفلا رضيعا، فضلاً عن طرد عشرات الآلاف من الموظفين من وظائفهم.

واتهم زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو أردوغان بتدبير “انقلاب محكوم عليه بالفشل”، وتوظيف ذلك في التخلص من معارضيه أو المختلفين معه فكريًّا، من أجل إزالة العوائق التي تقف عثرة أمام تأسيسه نظامه الشخصي تحت مسمى “النظام الرئاسي بنكهة تركية”، على حد تعبير أردوغان نفسه.

المصدر: zamanarabic.com